قصة الراعي

الجزء الأول؛ عاد من الرعي، بعد أن إقتربت الشمس من وجهتها، أدخل النعاج إلى الحضيرة ...، علق قربة الماء وفوقها قبعة القش، ترك العصا تتكئ على الجدار بعد يوم طويل ... ، دفع باب البيت... هدوء كالذي يسبق العاصفة يخيم على أرجائه... اتجه الى حجرة أبيه.... ، وجده ممددا، يحتضر...، أبوه في سكرات الموت...،سقط سقوط الجرة قربه، إنحنى على رأسه وقبله،..- كان شديد الحب له ،شديد التعلق به-،... هرع وأتى بقربة الماء...، أخذ يقطر قطرات في فمه ويلقنه الشهادة...، لم يتفوه أبوه بكلمة ، عدا أن شفاهه التي إعتلتها الخضرة تحركت ، وسبابته اليمنى تشير إلى صندوق قديم في زاوية الغرفة... إحتار في أمره ، لم يدر ماذا يصنع، وهو منغمس زوبعة من الأفكار...، حضر ملك الموت على حين غرة فالتقط روح والده، فارق والده الحياة...، صرخ عاليا والدموع تنهمر على خديه...، إجتمعت القبيلة...، غسلوه وكفنوه...، وفي المقبرة وراء البيت دفن...، عاد إلى بيته ، صار البيت موحشا...، لم ينم ليلته تلك ، لم يتركه شريط ذكرياته مع أبيه يظفر بلقمة نوم...، تذكر ، تذكر اللحظات التي عاشها مع أبيه، تذكر ركوبهما الحمار إلى السوق كل خميس، تذكر بيع أبيه لنعجتان من نعاجه حين اشترى له دراجة، تذكر إبتسامة أبيه المشرقة، تذكر...، لكن مالبث أن إغتال ضوء الفجر وحشته وخلصه منها...، قام وتوضئ ، خرج إلى المسجد تحت ضوء القمر...، سبق المؤذن... ، دخل وبدأ يقرأ القرآن... أذن الفجر، صلى وبقي في المسجد يدعو لأبيه بالرحمة والمغفرة حتى إستيقظت الشمس التي لم تلتفت لكلاب القرية وهي تنبح...، عاد للبيت وأفطر على كسرة خبز وبعض الشاي ،لم يتناول الكثير ، شيئ ما يجثو على صدره...، خرج وراء نعاجه والحزن كاد يفتك به، يقطع تذكرة السفر له هو الآخر ...، هي أيضا أحست به، لم تكن تجري كعادتها بل تسير متثاقلة الخطى...، وصل تحت شجرت وقعد، حامت حوله ، كأنها تؤنسه، وتحاول أن تخفف عليه ...ملئ يده بحصوات ،وأخذ يرمي بها واحدة تلوى الأخرى ،...

تذكر  الصندوق ...،
  1. يتبع...

بقلم_محمد_أزاز