البرمجيات الحرة/أشهر البرمجيات الحرة
هناك الكثير من البرمجيات الحرة والشهيرة بين مستخدمي الحاسوب، وهناك أيضاً الكثير من المستخدمين الذين يستخدمونها ولا يعرفون القيم التي تقف خلف هذه البرمجيات التي تعجبهم بقوتها وثباتها وخفتها. في هذه المقالة سنتحدث عن ثلاثة برامج حرة ومفتوحة المصدر ومشتهرة بين المستخدمين.
أولى هذه البرامج هو متصفح الإنترنت الشهير فيرفوكس الذي تقف خلفه شركة موزيلا الشهيرة، نشأ فيرفوكس كخليفة لمتصفح نتسكيب (الذي قضت عليه مايكروسوفت)، حيث قرر مطوروه أن يفتحوا مصدره في محاولة أخيرة منهم لمنافسة متصفح إنترنت إكسبلور الذي تنتجه مايكروسوفت والذي يأتي مثبتاً في جميع أنظمة ويندوز، مما جعله المتصفح الأكثر شهرة في سوق المتصفحات.
هذه السيطرة لم تدم طويلاً، وخاصة عندما لم تواكب مايكروسوفت ركب تطور معايير الوب ولم تصدر نسخة جديدة من متصفحها إنترنت إكسبلور لمدة أكثر من ست سنوات، مما سمح لمتصفح فيرفوكس أن يستحوذ على أكثر من 25 بالمئة من سوق المتصفحات، ضاغطاً على مايكروسوفت لكي تعمل جاهدة للحفاظ على مكانتها بإصدار نسخة إنترنت إكسبلور 7 ومن ثم نسخة 8، وحالياً نسخة إنترنت إكسبلور 9 في طور التطوير.
حقق فيرفوكس رقماً قياساً في عدد مرات التنزيل، فعندما صدرت نسخة فيرفوكس 3 وصل عدد مرات التنزيل في أول يوم إلى ثمانية ملايين تنزيل، ليكون أول برنامج يحقق هذا الرقم القياسي في عدد مرات التنزيل خلال 24 ساعة.
يتميز فيرفوكس أولاً بخفته على النظام مقارنة مع المتصفحات الأخرى، وثانياً بمستوى الأمان العالي الذي يتميز به، حيث أنه ينبهك ويمنعك عندما تزور إحدى المواقع المشبوهة والمضرة، وثالثاً بتوفر كماً هائلاً من الإضافات التي تجعل فيرفوكس غنياً بالمميزات التي لا تجدها في المتصفحات الأخرى، فمثلاً يمكن أن تجعله لا يظهر لك أي إعلان أثناء تصفحك للانترنت، أو يمكنك تحويله إلى مدير تنزيلات محترف، أو برنامج تنزيل مقاطع يوتيوب، أو يمكنك تحويله إلى برنامج لنشر التدوينات ومشاركة الأصدقاء مباشرة على توتير وفيسبوك، وهناك الآلاف من الإضافات الأخرى الممتعة والمثيرة معاً.
نأتي الآن إلى البرنامج الثاني وهو برنامج خادم الوب أباتشي، الذي تقوم عليه وتطوره منظمة أباتشي للبرمجيات، لربما سمعت كثيراً عن كلمة مقاتلات أباتشي خصوصاً إذا كنت من متابعي الأخبار، ولكننا سنتكلم عن أمر آخر في هذا المقال، إنه خادم الويب (خادم الويب هو تطبيق يقوم بتزويد متصفح الإنترنت بصفحات الويب التي يطلبها) أباتشي، لقد لعب أباتشي دوراً رئيسياً في نمو شبكة الوب العالمية في بداية عهدها، لقد كان أباتشي أول بديل عملي لخادم الويب من شركة نتسكيب كوميونكشن، ومنذ ذاك الحين تطور لينافس خوادم الويب لأنظمة يونكس من ناحية الأداء والوظائف.
ومنذ أبريل 1996م أصبح أباتشي أشهر خادم ويب على الإنترنت، وسيطر على سوق خوادم الوب بشكل ساحق، حيث يخدم أكثر من 70% من كل مواقع الإنترنت. وفي عام 2009م، حقق أباتشي رقماً قياسياً بأن أصبح أول خادم ويب يتجاوز رقم 100 مليون موقع تستخدمه، وفي آخر الإحصائيات، ارتفع هذا الرقم إلى 112 مليون موقع. إنه رقم غير سيئ أبداً إذا عرفت أن من يقف خلف تطوير أباتشي هي مجموعة من المتطوعين تضم في عضويتها 300 شخص، وقرابة 2300 مساهم غير دائم من جميع القارات الست.
وإذا انتقلنا إلى البرنامج الثالث أو بالأحرى نظام تشغيل مخصص للهواتف الذكية، فإنه يعتبر من أكبر الأمثلة لنجاح فكرة البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر، إنه نظام أندرويد الذي تقوم عليه وتطوره شركة جوجل. إذا كنت من متابعي أخبار الهواتف الذكية فقد سمعت بكل تأكيد بنظام أندرويد وأنه المنافس الشرس للهاتف الأيفون من شركة أبل. ولربما تتمنى أن تحصل على أحد هواتفه الجبارة المتوفرة في السوق من مثل سامسونج جلاكسي أس أو موتورلا درويد أكس أو إتش تي سي إيفو.
نظام أندرويد يمكن أن نعرفه بأنه منصة برمجيات ونظام تشغيل خاص بالهواتف النقالة الذكية مبنياً اعتماداً على نواة لينكس ومرخص تحت رخصة أباتشي الحرة، وقامت جوجل بتطويره بالتعاون مع الاتحاد المفتوح للهواتف والذي يشمل كبار مصنعي الهواتف. يسمح أندرويد للمطورين بكتابة تطبيقات متقدمة، وتقوم جوجل بتجميعها بمكان يسمى سوق أندرويد، حيث يضم حالياً أكثر من ستين ألف تطبيق يلبي كل حاجات المستخدمين. تم الكشف عن منصة أندرويد في 5 نوفمبر 2007 عند إنشاء الاتحاد المفتوح للهواتف، وهو تجمع لثمانية وأربعين شركة اتصالات ومصنعي المعدات والبرمجيات التي تلتزم بتطوير المعايير المفتوحة للهواتف النقالة.
صدرت آخر إصدارة من أندرويد في شهر مايو 2010م تحمل رقم 2.2 واسم رمزي فرويو، والتي جعلت من نظام أندرويد نظاماً منافساً شرساً ولحق بركب نظام أيفون من حيث تعدد المزايا وسهولة الاستخدام، وجعل عملية المقارنة بين هواتف أندرويد وهاتف أيفون تزداد صعوبة لتقارب الإمكانيات والمزايا.
عندما نزلت أول إصدارة من أندرويد في منتصف 2009م حصل على نسبة 3% من سوق الهواتف، وفي فبراير 2010م ارتفعت نسبة استخدام أندرويد إلى 9%، وبعدها بثلاثة أشهر وصلت النسبة إلى 13% من سوق المتصفحات.
وفي مايو 2010م تجاوزت مبيعات هواتف أندرويد مبيعات هاتف أيفون في سوق الولايات المتحدة الأمريكية واحتل المرتبة الثانية بعد منصة بلاكبيري، وتتوقع شركة جارتنر أنه بحلول 2012م ستحتل منصة أندرويد المرتبة الثانية بعد منصة سيمبيان من شركة نوكيا. أما من حيث أرقام المبيعات فقد أنقذ أندرويد شركة موترولا من الخسارة، حيث أصبحت هواتفها المحملة بنظام أندرويد من أشهر الهواتف في العالم، وباعت 250,000 هاتف في أول أسبوع عندما أطلقت هاتفها موترولا درويد في الولايات المتحدة. أما سامسونج فإن هاتفها الجبار جلاكسي أس باعت منه فقط في كوريا الشمالية أكثر من مليون هاتف، وفي الولايات المتحدة تجاوزت رقم مليون هاتف في وقت قصير ليكون لها قصة نجاح باهرة مع منصة أندرويد.
وبشكل عام أعلنت جوجل أنها تقوم بتفعيل أكثر من 200 ألف جهاز يومياً، فلك أن تتخيل نجاح منصة أندرويد مفتوحة المصدر وحجم تأثيرها على سوق الهواتف بعد نصف سنة من الآن.
نأتي لنهاية المقالة للتأكيد على أن البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر هي بيئة خصبة للإبداع والمنافسة، وأن هناك الآلاف من البرمجيات الحرة التي تثبت نفسها بأنها محل الثقة والاعتماد عند المستخدمين، وما على المستخدم إلا أن يكتشفها ويمتع نفسه باستخدامها.