منظومة (الكون الأعظم) في المكان والزمان/الكون المتقوس

رغم أن هيئة الكون الأعظم غير منظورة لكن يمكن تصورها من خلال شواهد كونية . فقد يكون كونا متقوسا فعلا . وإذا كان كذلك فقد يكون كوننا والأكوان التابعة للكون العظيم متقوسة بلا شك مما يعطي بعدا أبعد بل وأشمل لنظرية إينشتين حول تقوس كوننا . لأن كوننا حسب نظرية الكون الأعظم سنجده يدور حول ذاته في مداره في محيط الكون الأعظم وحوله.ومعه يدور بقية الأكوان الأخوات وكل في فلك يسبحون. وهذا لايتم إلا لوكان الكون الأعظم يدور حول ذاته بما يشبه الشمس ومنظومتها التقليدية . ولنتصور كوننا المتقوس . فلو تخيلنا شخصا سافر بالفضاء داخل مركبة فإنه سوف ينطلق بالكون حتي يصل إلي نقطة البداية فوق الأرض. لأن تقوس الكون قد جعله حلقة مغلقه. وأصدق وصف تخيلي لتقوس الكون أن شخصا لو أطلق قذيفة من فوق الأرض أو أي مكان بالكون . فإنها ستدور داخل الكون لتصل لظهره . لهذا لايوجد في الكون أي شيء في خط مستقيم . لأن مفهوم الإستقامة الخطية شيء نسبي . فالأرض قد تبدو لنا منبسطة في أي جزء منها لو تغافلنا الجبال والتلال تجاوزا . لكن التسطيح والإنبساط الذي نراه نسبيا عندما ننظر إلي الجزء المرئي منها إلا أنه في الحقيقة متقوس تقوسا غير ملحوظ وجزء من الكرة الأرضية . وهذا ما أكده إينشتين عندما قال أن أي جسم يسافر في الكون لايمكنه السفر فيه فوق خطوط أبعاده الثلاثةأي في خط مستقيم . كما أن لكروية الأرض وتقوسها ودورانها حول ذاتها جعل رؤيتنا للسماء والشمس بها تختلف من مكان لآخر فوقنا وجعلت الحرارة فوقها تختلف من مكان بها لآخر مما أوجد خط الإستواء والمنطقتين المعتدلتين والقطبين المتجمدين . . فلو كانت الأرض منبسطة لماظهر القطبين المتجمدين ولأصبحت كقضيب مغناطيسي له قطبه الشمالي والقطب الجنوبي ثابتين ولا ينقلبان. وحسب نظرية الجسيمات الأولية (التي ظهرت في أعقاب ظهور الذرة الكونية الأولي وليس كما يقول العلماء ظهورها في أعقاب الإنفجار الكبير) فإن الكون في الزمكان كما يقال كان له أكثر من أربعة أبعاد. فالبعد الخامس الزائد قد إندمج أو تقلص إلي جسم قصير أو قد طوي للأبد . لكن مايدهش أن أ بعاد الكون المتعددة قد توقفت في الأبعاد الأربعة وليس في بعدين أو خمسةأبعاد ولو أن إندماج هذه الأبعاد قد يتم من خلال بلايين الطرق المختلفة . لكن السؤال المحير هو كيف تشكل الكون بأبعاده الأربعة وتوزعت فيه مادته في تناسق ملحوظ حاليا يخضع للمبدأ الكوني (Cosmological principle) الذي ينص علي أن الكون لابد وأن يكون متناسقا؟.فبعد الإنفجار الكبير أخذ كل جزء في الكون الوليد يتمدد في أعقابه بسرعة . لكن كيف تزامن التمدد إيقاعيا في كل أجزائه منذ بدء التمدد الكوني حتي أسفر عن تولد هذا التناسق البين . لكن ماهو شكل الكون حاليا ؟. فلقد بينت نظرية النسبية لإينشتين أن الكتلة الكونية (مادة الكون) جعلت الفضاء يتقوس حيث ترحل الأشياء في الفضاء المتقوس . ولو كان الفضاء متقوسا كما وصفه إينشتين . فهذا معناه أن هناك ثلاثة إحتمالات عامة لشكل وهيئة الكون وكل إحتمال منها له صلة بماضي وحاضر ومستقبل الكون . وأحد هذه الحتمالات الثلاثة له صلة بكمية مادة الكون والتي تعتبر القوة الكلية للجاذبية الكونية . وكان علماء الرياضيات قد إستطاعوا تمييز التقوس الكوني بأبعاده الثنائية السطحية (الطول والعرض). فلو كان الكون مسطحا فإن تقوسه يصبح صفرا ولو كان تقوسه أشبه ببرذعة الحصان فإن تقوسه سيصبح سالبا . ولو كان سطح الكون كرويا فإن تقوسه يصبح موجبا .لكن هناك حقيقة منطقية وهي أن الكون لو تصورناه مفرغا من مادته (الكتلة )التي تتكون من أجرام وسحب غبارية فلا يعتبر شيئا يمكن أن يتقوس أو حتي يتمدد أو ينكمش . لأن كتلة الكون توجد هيئته وهندسة تكوينه . لأن الكون بدون الكتلة الكونية سيعتبر كونا فارغا لايتقوس والفراغ لايوجد بدون الكتلة الأبعاد والاتجاهات . فالكتلة جعلت للكون معني رياضي وفيزيائي . كما جعلت للكون أبعاده الثلاثية التحيزية وجعلت له بعدا رابعا حدده إينشتين بالزمن الكوني . لكن ماذا يعني أن تقوس الفضاء صفر أو سلبي أو إيجابي ؟.فلو كان الفضاء سلبي التقوس . فهذا معناه أن به مادة كافية (جاذبية) وكابحة مما تجعل تمدد الكون يتباطيء نسبيا. لأن له ثمة روابط تلجمه وبشكل يعتمد علي كثافة هذه المادة وتركيزها.لكنه سيظل يتمدد للأبد . ويطلق علي الكون في هذه الحالة الكون المفتوح . عكس الفضاء إيجابي التقوس أي كروي أو أشبه بالقوس . فهذا معناه أن به مادة كافية توقف تمدده عند نقطة في المستقبل . لأن تمدده ليس بلا نهاية فسيعود للإنكماش ويتقلص علي ذاته . وقتها فإن المجرات سوف تتوقف عن التباعد عن بعضها ثم تبدأ في التقارب عندما ينطوي الكونوهذا مايطلق عليه بالكون المنغلق . ولو كان الكون بلا تقوس (التقوس صفر) فإنه سيصبح كونا منبسطا أي به مادة كافية وكثيفة مما تجعل التمدد يتوقف عندما يصل إلي الصفر التمددي بعد مدة محددة من الزمن . وفي هذه الحالة يطلق عليه الكون المنبسط أو الكون الإقليدي أي الذي يخضع لقوانين الهندسة الإقليدية(العادية ) للأسطح المستوية أو غير متقوسة ويطلق علي هذا الكون الكون المسطح أو المنبسط . لكن في فترات حالتي التمدد والإنكماش الكوني نجد أنهما صورتان مرآتيتان تعبران عن الإتساق في الكون في شتي مراحله . وكان إينشتين قد تصور أن شخصاوقف فوق الأرض لو أطلق رصاصة (تخيلية ) بالكون سوف تنطلق لو لم يعترضها شيء لتدور حتي تصل لظهره . وهذا التشبيه وضعه لنتصور تقوس الكون . وطبعا استمرارية لف الرصاصة في شكل دائري يتطلب سرعة وطاقة تخيلية . كما أن سرعة الطلقة لاتتعدي سرعة الإفلات من الكون للمحيط الخارجي له حتي لاتفلت في شكل قوسي بالفضاء حوله بقوة الطرد المركزية أيضا لتظل في انطلاقها به حتي تقل قوة إندفاعها أو يقابلها جرم آخر فتحط فوقه. وطبعا هذه السرعة لن يصلها إنسان لأنها تتطلب طاقة وقوة فوق التصور. وتقوس الكون معناه أن كوننا قد إنفصل عن كون أكبر وأخذ يدور في فلك حلزوني بقوة الطرد المركزية متباعدا عن الكون الأم ولاشك أن سرعته ستقل مع الزمن في مكانه ليدور حول ذاته في ذات الوقت ضمن مجموعة كونية متكاملة ومنتظمة تتحكم فيها جاذبية كونية أكبر من جاذبية كوننا الداخلية. تجعل هذه الأكوان بما فيها كوننا أكوانا كروية متقوسة علي ذاتها تدور حول الكون الأعظم حيث كل في فلك يسبحون .