عام الوفود/عدي بن حاتم
لما سمع عدي بن حاتم عن الرسول ذهب إلى غلامه الذي يرعى إبله وقال له: لا أبا لك، أعدَّ لي من إبلي إجمالاً ذللاً سماناً، فاحتبسها قريباً مني، فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطأ هذه البلاد فآذنّي. ففعل الغلام ذلك، ثم أتى الغلام بعد فترة إلى عدي وقال له: يا عدي، ما كنت صانعاً إذا غَشِيَتك خيل محمد فاصنعه الآن، فإني قد رأيت راياتٍ فسألت عنها فقالوا: هذه جيوش محمد. فقال عدي: فقرّب إليّ إجمالي. فقربها، ثم هرب عدي بن حاتم إلى الشام.
ثم أُسرت ابنة حاتم ووُضعت بمكان بجوار المسجد توضع به السبايا، فمر بجانبها رسول الله، فقامت وقالت: يا رسول الله، قد هلك الوالد، وغاب الوافد، فمُنّ عليّ مَنَّ الله عليك. فقال: ومن وافدكِ، فقالت: عدي بن حاتم. فقال: الفار من الله ورسوله؟ ثم ذهب الرسول، ثم ذهب إليها في اليوم التالي ودار الحوار ذاته بينهما، ثم أتى في اليوم الذي يليه، وعندها أشار رجل من خلف الرسول، فقامت ابنة حاتم لكي تكلمه، فأعادت ما قالته سابقاً، فقال لها: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك بلادك، ثم آذنيني. وبعد مدة جاءت إلى رسول الله فقالت له: قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغة، ثم ذهبت معهم إلى الشام.
وحينما وصلت ابنة حاتم إلى الشام قالت لعدي: القاطع الظالم، احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك عورتك، فقال عدي: أي أخيّة، لا تقولي إلا خيراً، فوالله مالي من عذر وقد صنعت ما ذكرت. ثم قال لها: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ فقالت: أرى والله أن تلحق به سريعاً، فإن يكن الرجل نبياً فللسابق إليه فضله، وإن كان ملكاً فلن تذل في عز الإيمان وأنت أنت، فقال: والله هذا الرأي، وبعد ذلك ذهب عدي إلى الرسول وأسلم.