شرح ألفية ابن مالك لعبد الواحد أشرقي ومصعب بنات/الدرس الرابع

شرح ألفية ابن مالك لعبد الواحد أشرقي ومصعب بنات

"الكلِم" كما أسلفنا ، يطلق على كل ما زاد عل ثلاث كلمات ، فلو قلت مثلا :

  • " أنا لم أكن...". فهو كلِم ،لكونه اشتمل على ثلاث كلمات :

هي : " أنا" لم" أكن". لأن اسم الجنس "كالكلِم" صادق بالثلاثة فما فوق لا أقل ، وهذا النوع مما يفرق فيه بين جمعه ومفرده إما بالتاء، مثل : "شجر/ وشجرة. وإما بالياء مثل: "إنس" /"إنسي". إذا علمت ما تقدم ؛ فافهم أن كل مفردات "الكلم" يقال في واحدها "كَلِمَةٌ"ف"أنا" و"لم" و"أكن" كل واحدة يقال لها "كلِمَةٌ". "والكلمة" في اصطلاح النحويين: كل لفظ دال على معنى. وهذا معنى قوله : (...............................ٌ الْكَلِمْ وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ ......) . ثم اعلم أن المصنف رحمه الله بدأ بتعريف "الكَلاَم" ، ومدلوله أخص. ثم ثنى ب"الكلِم"، ومدلوله أعم من "الكَلام" ، لكنه أقل من "القَول" ؛ إذ هذا الأخير عام ، يطلق على "الكلام" و"الكلِم". فلو قلت مثلا : " سيارة". فهي : "قول" فقط . وليست "كلِم"/ ولا/ "كلام". وقس على هذا ما أشبهه. فيكون "القول". أعم منهما معا، إذ يطلق كما أسلفت علىالمركب، وعلى غيره، وعلى دون الثلاثة. فكل "قول"؛ "كلام" و"كلمة" و"كلِم"، وليس العكس. وإلى هذا أشار الناظم بقوله : (........ وَالْقَوْلُ عَمْ/ .........) ثم اعلم أن أهل الحجاز يقولون في تخاطبهم : "كَلِمَة". والتميميون يقولون : " كِلْمة"، ويقصدون بها: "الكلام المركب المفيد.." كقصد الحجازيين. إلأ أن هذا الإطلاق، ليس هو المشهور ، فلذا قيل: إطلاق "الكِلمة" بدل "الكَلمة" ، لتكون وصفا "للكلام" ؛ هو مدلول لغوي لا اصطلاحي. وهذه علة استعمال المصنف لحرف "قد"، إذ هي دالة على التقليل، لقلة من نطق بذلك. والمعنى: "ورد اطلاق لفظ"كِلمة" مكان "كَلِمة" على "الكلام". وهو اصطلاح قليل. وقد استعمل القران "كَلمة" بدل "كِلمة". قال تعالى : "كلا إنها كلمة..." و".... كلمة طيبة". فلم يقل تعالى : كِلْمَةٌ". وهذا معنى قوله :ْ (...وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمْ) والتقدير : وكِلمة، قد يُؤَم ويقصد بها الكلام؛ وذلك لغة لا اصطلاحا. ثم اعلم أن المصنف رحمه الله لما جرى في قوله السابق : " واسم وفعل ثم حرف..." أراد أن يبين لك ما تستطيع أن تميز به كل واحد من المصطلحات عن آخر، تبعا لاختلافها في اللفظ. وبدأ من ذلك بالاسم ترتيبا له في السبق. فأخبر رحمه الله تعالى قائلا : "بِالْجَرِّ". وهو متعلق بقوله " حصل" في آخر النظم. والجر عبارة عن الحركة التي توضع تحت حرف الاعراب؛ إما : حقيقة، نحو : " أنام في المقصورةِ" أو حكما. والحكم نوعان : / حكم تقديري ك " إلى موسى". /وحكم اعتباري ك"إلى أحمدَ". والجر نوعان : /جر بالحرف مثل : " أخرج منهاإلى الصلاةِ" /أو بالاسم مثل : " يد السلطةِ قوية". ف(الصلاةِ) جُرت "بإلى". و(السلطةِ)، "بيد" وثمة أقسام أخرى. وهذا التقسيم هو سبب في تعبير الناظم ب(الجر) وليس ب(حرف الجر) أو الاسم. وعبر ب(الجر) ولم يعبر ب(الخفض)! تبعا لتعبير البصريين. والخفض إنما هو تعبير الكوفيين. وهل ينبني على اللفظين اختلاف معنى أم لا؟ ذاك ليس غرضنا. خلاصة الكلام : إذا أردت أن تميز (الاسم) عن أخويه ، فاعلم أن (الجر) من خصائصه وحده ، ولا يشاركه فيه غيره من أخويه . ثم قال رحمه الله : (...... وَالتَّنوين..........) التنوين في اصطلاحهم : عبارة عن نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم لفظا فقط، لغرض ما.". فأنت عندما تقرأ مثلا : " أليماً" . متصلة بما بعدها، تجد عند نهاية قراءتك لها ، صوتا يخرج من الخيشوم، كأنه نون . وهو في اللفظ ليس كذلك، بل جعلوا بدله الحركة الثانية . فالأولى : حركة إعراب. والثانية : هي محل الكلام عندهم.وهي التنوين. ثم اعلم أن تلك الحركة التي سماها النحويون تنوينا ، إنما يؤتى بها لأغراض ، منها : الدلالة على أن هذا الاسم متمكن ، أي هو مصروف لا زال على أصالته ، غير شبيه بالفعل فيمنع ولا بغيره فيخرج عن أصالته. ، مثل : "رجالٌ". فإذا قيل لهم ، لم قلتم : رجالٌ بالتنوين ، قالوا ليدل على أن اللفظ بقي على أصالته في الاستعمال الاسمي .. أو يؤتى به لأجل التفرقة بين معنيين، دلت عليهما كلمة واحدة. فبتنوينها من عدمه، ميزوا بين المعنيين . وهو الذي يسمونه : "تنوين التنكير" . مثل قولك "صهٍّ" للسكوت مطلقا. و"صَهِ" لتغيير الموضوع فقط . وقالوا في تعريفه : "هو اللاحق لبعض الاسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها ". تنوين العوض، وهو : " الذي يؤتى به ليدل على محذوف ما، إما مضاف اليه/ او جملة...."،فمن دلالته على حذف الجملة ، قولهم " حينئذٍ" "وعندئذٍ".... وغالبا ما يكون هذا في "إذ" التعليلية التي تركب مع حين أو عند... مثل "حينئذ/وعندئذ/ ووقتئذ.../ فالتنوين هنا : علامة على حذف بعض الجملة من التركيب، وبيان ذلك ، قوله تعالى:( وأنتم حينئذ تنظرون). أصل الجملة : (وأنتم حين إذ "بلغت الروح الحلقوم" تنظرون) وهو أنواع. أو يكون من أجل التقابل بين جمع وآخر، كما في "مسلماتٍ" قالوا إن التنوين هنا، أوتي به مقابل النون في قولنا "مسلمون". خلاصة القول : من علامات معرفة الاسم وجود التنوين في آخره.