شرح ألفية ابن مالك لعبد الواحد أشرقي ومصعب بنات/الدرس الحادي عشر

  • علل بناء الأسماء.

لما ذكر رحمه الله أن علة بناء (الاسم )شبهه بالحرف، في قوله سابقا:(لشبه من الحروف مدني)، ذكر الجهات التي أشبه فيها (الاسم) الحرف. فقال:

16- كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا.....

الجهة الأولى: الشبه الوضعي

عدل

هذه أول جهة يبنى فيها الاسم ، وهو إذا أشبه الاسم الحرف في الوضع ، ذلك أن أصل الاسم أن يكون موضوعا على ثلاثة أحرف فما فوق ، فإذا ما وجدنا الاسم موضوعا على حرف واحد ، نقول فيه هذا الاسم أشبه الحرف لأنه هو الذي يكون موضوعا على حرف واحد ، ولما أشبهه حُكم عليه بالبناء، لأن الشبيه بالشيء يُعطى حكمه. وذكر من الشبه الوضعي، اسمين :؛ (التاء والنون) من قوله (جئ"ت"نا") فكلاهما اسمان ، وهما موضوعان على حرف واحد ، فيحكم عليهما بالبناء ، فنقول في الإعراب: (جئ) أصلها جاء ، وهو فعل ماض ،( ت )اسم مبني على الفتح في محل رفع فاعل ، ( نا) مفعول به حكما ، لأن جاء لازم لا ينصب المفعول ، لكن القاعدة تقول : (الضمير يعمل فيه كل عامل) ، أو (العمل في الضمير كلا عمل ). وإذن ما وضع على حرف واحد او اثنين من الأسماء فهو مبني لشبهه بالحرف، إلا (يد/دم) فوضعها غير هذا.

الجهة الثانية: (الشبه المعنوي)

عدل

وهو قوله : (..........والمَعْنَوِيِّ في مَتَى وَفِي هُنَا).

اعلم أن الأصل في المعاني أن تؤدى بالحروف لا بالأسماء ، لأن الاسم إنما يوضع للدلالة على أمر معين دون الدلالة على المعنى، فقولك مثلا( محمد) لا تعني هذا كثير الحمد، و(زيد) لا تعني كثير الزيادة مثلا، ومهمة الحرف هو الدلالة على مثل هذا، والعرب لم تضع حروف المعاني، أعني التي يفهم منها الإشارة مثلا ، فلما وجدناهم قد جعلوا ذلك من دلالة الاسماء قلنا إذن العرب استعملت الاسماء استعمال الحروف في تأدية معنى ما ، فوجب البناء تنزيلا لها منزلتها، مثال : قول الناظم رحمه الله :؛(متى وهنا) أ/ (فمتى) هي اسم ، والأصل في الأسماء دلالتها على أمر ثابت ، لكننا مرة وجدناها تدل على الاستفهام، كقولنا : (متى ستتوب ؟ )، ف(متى) هنا تضمنت معنى الاستفهام ، فأشبهت الهمزة في الدلالة على أداء هذا المعنى، والهمزة حرف. و(متى تدرس أدرس معك )، فمتى هنا اسم شرط، لأنه بمعنى (إنْ ،)......... ب/ (وهنا ،) فهنا اسم إشارة مبني لكونه تضمن معنى ( أشير) وتضمين المعاني إنما هو ختصية الحروف، كهاء التنبيه في قولهم ها أنت .... ولكن العرب لم تفعل ذلك كما وضعت (في) للدلالة على الظرفية ، فيبنى الاسم في هذه الصورة لكونه أشبه الحرف في تضمنه لمعنى معين. وهلاصة البيت : يبنى الإسم اذا أشبه الحرف في الوضع، أو في تضمنه لمعنى معين. الإعراب: (كالشبه) (ك) حرف جر، والشبه مجرور ، والمبتدأ محذوف تقديره، (وذلك كائن كالشبه) و(الوضعي) نعت (للشبه)، (في) حرف جر، (اسمي) اسم مجرور بالياء لأن مثنى حذفت نونه لأجل الإضافة، والجار مع مجروره متعلق بمحذوف نعت (الوضعي) و(جئتنا) قصد لفضه مضاف إليه، ((لأن الأفعال لا تضاف ابدا، إذ الإضافة من خواص الأسماء)) و(المعنوي) معطوف على(الوضعي) و(في متى وفي هنا) متعلقان بمثل ما تعلق به الجار والمجرور في قوله (في اسمي جئتنا).