شرح ألفية ابن مالك لعبد الواحد أشرقي ومصعب بنات/الدرس الثاني عشر
قال ابن مالك: 17- وَكَنيِابَةٍ عَنِ الفِعْلِ بلا ……تَأَثُّرٍ وَكافْتِقَارٍ أُصِّلا. ذكر في هذا البيت من النظم الجهتين؛ الثالثة والرابعة مما يبنى فيه الاسم على خلاف أصله. الجهة الثالثة قوله: وَكَنيِابَةٍ عَنِ الفِعْلِ بلا ……تَأَثُّرٍ
ومقصوده؛ ان الاسم يبنى إذا اشبه الحرف في النيابة، إذ الحروف هي التي ينوب بعضها عن بعض، والمقصود هنا أسماء الأفعال،؛ لأنها هي التي تنوب عن الفعل كالحرف، وفهم كونه قاصدا لأسماء الأفعال من قوله (بلا تأثر)، وهذا شرط لابد منه، أي أن يكون هذا الاسم عاملا غير معمول فيه. فمثال ذلك:؛ كلمة ( صه ) فهي نائبة عن قولنا (اسكت )، فإذا قلت (صه فأحدثك )، فالمعنى اسكت لأحدثك ، فكلمة (صه) مبنية ، لماذا ؟ لأنها أشبهت الحروف في النيابة، ومن نيابة الحروف قوله تعالى في سورة المطففين : ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ........) فحرف (على) هنا، بمعنى (من)، فتكون كلمة (صه) ، بمنزلة (على) في كون كل منهما ناب عن شيء.
الجهة الرابعة قوله: (وكافتقـــــــار أصــــلا،).
اعلم أن الاسم هو : ما دل على شيء معين ، غير متوقف على ما يتمم معناه ، كقولك (محمد ) فهو دال على ذات معلومة ذهنا ، لكن هناك بعض الأسماء لا تستقل بالدلالة على المعنى بنفسها ، فتحتاج إلى شيء بعدها ليتمم معناها ، مثل : (جاء الذي تحدث معي ،) فلو قلت (جاء الذي) وسكت لم تكن المعنى كاملة ، فاحتاجت لما بعدها لتتم المعنى ، وهذه الصفة ، أعني: صفة عدم الاستقلال بالمعنى والاحتياج لما بعده ،هي من صفة الحرف ، لأن الحرف هو الذي لا تظهر معناه إلا فيما بعده ، كقولنا (محمد في المدرسة ) فلو قلت (محمد في) لم تكن المعنى صحيحة، فأشبه الاسم الذي هو ( الذي ) الحرف مثل ( في) في الافتقار الدائم الذي لا ينفك عنه، فبني لشبهه به. (((خلاصة البيت مع سابقه: يبنى الاسم إذا أشبه الحرف في وجه من الوجوه الأربعة شبها قريبا.))) 👈إعراب البيت: (و) الواو حرف عطف (كنياية) معطوف على (كالشبه) و(عن الفعل) متعلق بنيابة، (بلا تأثر) جار ومجرور، (و) حرف عطف، (كافتقار) معطوف على(كنيابة) و(أصلا) فعل ماض مبني للنائب، والجملة نعت لقوله(تأثر).
فوائد
عدلأ/الشبه الوضعي لم يصرح به إلا ابن مالك، لذا قال ابوحيان، لم أجد هذا، إلا لهذا الرجل. ب/ قوله (بلا تأثر)ف( لا ) هنا ، بمعنى (غير) وظهر إعرابها في (تأثر) وهذا يسمى عارية، ف(تأثر) مجرور بالكسر المانع من ظهوره حركة العارية. ج/اصل الحرف وضعا ان يكون على حرف أو حرفين، فما زاد فعلى خلاف أصله، كما أن الأصل في وضع الأسماء ثلاثة أحرف فما فوق، فما نقص فعلى خلاف الأصل. ج/ قالوا: أصل الاسم التشريف وعلو الرتبة، فلما اشبه الحرف نقض شرفه فأبني. د/ قوله (بلا تاثر) مخرج للمصدر، لأنه وإن كان ينوب في قولك(ضربا محمدا) فإنه معمول لفعل محذوف، والتي تنوب ينبغي ألا يعمل فيها أي عامل لتبنى. ه/ قوله (افتقار أصلا) أي إلى الجملة احترازا عن المفتقر إلى المفرد، مثل(سبحان) فإنها عكس ذلك.