الفرق بين المراجعتين لصفحة: «فن الأداء»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 1:
 
''''''بقلم د. محسن عطيه'''''
 
السطر 17 ⟵ 18:
 
وكانت فنانة الأداء الصربيةر"مارينا أبراموفيتش" Marina Abramoviç (ولدت 1946) تدور أعمالها حول العلاقة بين الأداء والجمهور، وحدود الجسد، وإمكانيات العقل.وقد استخدمت فى عرضها بعنوان" إيقاع 0 "(1973) سكينا لطعن المسافات بين أصابعها الممدودة بسرعة، و فى كل مرة تجرح نفسها تختار سكينا آخر بعناية أمامها.و خلال منتصف العمل، بدأت تشغيل تسجيل للنصف ساعة الأولى من العمل المقرر له ساعة واحدة، و باستخدام صوت الضربات الإيقاعية للسكاكين وهي تضرب الأرض ويدها، حاولت تكرار نفس الحركات، وجرح نفسها في نفس الوقت بالتزامن مع التسجيل. هذا العرض يعد مثالًا لاستخدام "أبراموفيتش" للطقوس في عملها، و تمثل التزامن بين أخطاء الماضى، وأخطاء الحاضر. كذلك فى سنة 1974خاضت "مارينا" تجربة للتعرف عن قرب على تصرف الناس عندما يمنحون حرية الاختيار دون شروط لتبرهن على فساد الطبيعة الإنسانية التى تميل إلى الشر.وفى هذه التجربة الأدائية مزجت "مارينا" بين جسدها وفكرها ، فظلت واقفة طوال 6 ساعات دون أى حركة، وتركت للجمهور أن يفعل بها ما يشاء. ووضعت بالقرب منها على منضدة وضعت العديد من الأدوات ، منها سكين ومسدس وأزهار.وبدا رد فعل الجمهور فى البداية المشاهدة فى صمت، ولكن بعد أن تأكدوا من عدم اتخاذ المؤدية لأى موقف مضاد تجاههم،تصرفوا نحوها بعدوانية، فقاموا بتمزيق ملابسها ووضع أحدهم المسدس فوق راسها. ونكز أحدهم بطنها بأشواك الزهور. وتحرش البعض بها، وبعد انتهاء العرض تحركت " مارينا" من موقعها دون أى رد فعل عدائى أما الجمهور فقد هم بالفرار. لقد أثبتت هذه التجربة أن البشر الذين نتعامل معهم يوميا مهما اختلفت ثقافاتهم قادرون على القيام بتصرفات شنيعة إذا أتيحت لهم الفرصة. لقد مارست "مارينا أبراموفيتش" خلال عروضها الأدائية تجارب خطرة تتجدى بها مخاوفها الدفينة وتعوض من خلالها عن مشاعرها المأساوية ،كما تطرح الأسئلة الوجودية حول امكانية التغلب على المخاوف بإظهار سلوك متحرر ، فتضع المشاهد أمام قضايا اجتماعية وعاطفية ومعرفية ،وتترك له الخيار لاستعادة شخصيته القادرة على إعادة التفكير وإحداث التغيير .
[[ملف:ArtistIsPresent.jpg|| 640 × 427 pixelspx|تصغير|يسار|أداء مارينا "الفنان هو الحاضر" 2010]]
 
'''الجسد كعلامة ومصدر للمعنى'''
السطر 26 ⟵ 28:
وفى كل الأحوال فإن للعمل الفنى" المفاهيمى" Conceptual الذى يشتمل على الأداء الجسدى، طبيعة مراوغة غالبة .وكانت قد تحددت العلاقة بين الفن والبيئة وأصبح لاستخدام التقنيات المستحدثة ،ولنظم العمليات المتداخلة ،فى جو من الحرية الثقافية دأهمية فى "الفن المفاهيمى" بقدر تميزه بطبيعته الباطنية ، بل الغامضة ،وللمغزى السرى لهذا النوع من الفن،على أساس أن الغرض الأساسى لفن الأداء من أنواع "الفن المفاهيمى" هو مد الجسور بين الفنان وجمهوره،ويقوى من التفاعل المستمر مع العالم مفاهيمياً. وإذ كان الغرض من "فن الأداء" هو تحريرالرغبات لاشعوريا ، كذلك " يمكن فهم وظيفة الفن أحيانا على أنه نوع من التنفيس، أو التخلص من الطاقة المشاعرية المكبوتة العليلة ..، ويتمثل الجمال هنا فى الغريب والمفاجئ ، والذى يكثف خيالا يمزج بين الخرافة والحلم والواقع"(10)وعندما اتسع مجال "الفن المعاصر" ليشمل أى شئ ، تحولت الهالة التى توجت المنتج الفنى فى الماضى "فأحاطت الحدث، وتوجت البيئة التى يعرض فيها ذلك المنتج أو المكان الخاص بالعرض، وخصص للمشاهد مكانا داخل العمل الفنى، مع استبدال الإطار الصناعى بإطار الوجود ذاته...،وكان الفنان جريصا على توطيد العلاقة بين فنه وبين الحياة والناس ،فى ظروفهم الاعتيادية،بما فيها من صراحةوهزل،واستعادت أساليب "ما بعد الحداثة" الأبعاد الرمزية متعددة المعانى، بدلا من استلهام الآلة، بدلا من التقوقع حول الذات ...،فقد مضى عصر الأنساق الكلية ، والنظريات التعميمية. وجاء العصر الذى أصبح يتقبل فيه الفنان أفكارا ، مثل التجزئ والتنويع المتناقض ليصف بها الجمال. "(11)
وركز"جوزيف بويز"(1921-1986) Joseph Beuys فى عرضه "ذئب،أنا أحب أمريكا وأمريكا تحبنى" (1974)على فكرة "أمريكا البرية ضد أمريكا المتمدينة" . وكان بويز قد حبس نفسه فى معرض مع ذئب برى، بعد أن أعلن فى وقت سابق أنه لن يدخل الولايات المتحدة، طلما استمرت حرب فيتنام، فى محاولة للتواصل مع فكرة "أمريكا البرية ما قبل الاستعمار". وعاش "بويز" مع ذئب لعدة أيام، و حاول التواصل معه. وقام بتنظيم سلسلة من التفاعلات التى كررها طوال فترة العمل، مثل تغطية نفسه بالكامل واستخدام عصى تشبه مانعة الصواعق، وتتبع الذئب في أنحاء الغرفة، منحنى الخصر مع الحفاظ على العصى موجهه نحوه. لقد أراد "بويز" أن يمارس طقسا، اكتسب بعداً نفسيا ، وطاقة تستدعى قوى غامضة.على صعيد متناقض مع البيئة ومتكافئ معها فى نفس الوقت.(12)وهو يشترك مع مذاهب " الفن المفاهيمى" فى تعميق الصلة بين الفن والحياة ، وتتداخل الفنون التشكيلية مع فننون الأداء ومع المعرفة والسياسة.وفى عروض " بويز "تحول كل فعل إنسانى إلى تجربة فنية ،بفضل توسيع نطاق الطبيعة والفن.
[[ملف:BeuysAchberg78.jpg|471 × 326 pixelspx|تصغير|يسار|فن الأداء،جوزيف بويز، 1978.]]