الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المرآة تكشف اللامرئى»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
ط ←‏top: clean up، استبدل: أى ← أي (2)، و ← و (5)، . ← . ، ، ← ، (4)، فى ← في (36)، وفى ← وفي (2)، فهى ← فهي (3) باستخدام أوب
سطر 1:
'''بقلم / د.محسن عطيه'''
 
تلعب المرآة فىفي لوحة"[[وصيفات الشرف]]las Meninas "(1676- متحف برادو ،برادو، مدريد) للفنان "''فيلاسكيز''"(1599-1660) دوراً حاسما فىفي تشكيل معناها. ولم تكن المرآة ملاحظة بوضوح فىفي اللوحة، غيرأن هناك العديد من العناصر والدلائل التى تشير إليها. ووظيفة '''المرآة''' فىفي اللوحة هى التعبير الكامل عن مجال «التمثيل». بل تجيب على تساؤلات المشاهد عندما تنفذ إلى ماوراء جدران الأستوديو،فتعكس ما يحدث أمام اللوحة،مثل إلى أىأي شئ ينظرالرسام والأمراء ؟وما هو الموضوع الرئيسى للوحة؟و ماالذى يجرى رسمه على قماش اللوحة؟ .ومن المؤكد أن الفنان لم يكن يرسم الأميرة "مارجريتا"لأنها تقف على نفس مستوى اللوحة لوحة الرسم الضخمة وليس أمامه.وهى تنظر ومعها كل من حولها نحو شئ غير مرئى. ويفترض فىفي هذه الحالة أن الفنان وهو يرسم "الملك والملكة" كانت الأميرة ووصيفاتها يراقبنه،فجاءته فكرة رسم لوحة أخرى تصور المشهد الذى أعجبه،هى لوحة "وصيفات الشرف" التى تعتبر المرآة مفتاحا للغزها .ومن خلالها يدعو الفنان المشاهد إلى إعادة التفكير فىفي طريقة النظر للأشياءاعتمادا على بصيرته أكثر من بصره.وينتج عن كل ذلك تذبذبا بين الداخل والخارج. ومن المؤكد أن [[المرآة]] فىفي اللوحة تعكس ما يمكن أن يقع خارج نطاق اللوحة أىأي صورة "الملك والملكة" (فيليب الرابع وزوجته ماريا) ويشغلان «المركزالرمزىالمركزالرمزي» للصورة،الذى يصبح موضوعاً للملاحظة من قبل العديد من شخوص اللوحة ،ومركزاً لـ" الهيمنة الرمزية" على التكوين، الذى يفترض النظر للنموذج و للمشاهدوللمشاهد الذى يتأمل المشهد من وجهة نظرة الفنان،فى نقطة خارج اللوحة.ومن هذه النقطة يصبح التمثيل ممكنا كنموذج لمشهد وكلوحة. إن دلالة"المرآة"فى لوحة "وصيفات الشرف" مثل »أيقونة رئيسية تكشف [[المرئىالمرئي واللامرئىواللامرئي]].إنها لا تعكس ما يقع أمامها كعادة المرايا،ولا تعكس شيئاً من واقع المكان،لا الرسام الذى يدير لها ظهره، ولا الشخصيات فىفي وسط الغرفة كلها، إنما تجعلنا نرى فىفي اللوحة ما هو غير مرئى .وربما تخفى هذه [[المرآة]] أكثر مما تظهر،أى أنها تمثل مضمون اللوحة التى تصور إبنةابنة الملك (مارجريت) محاطة بمربيات ووصيفات وأقزام . أما النموذج الذى يرسمه الفنان (فيليب الرابع وزجته) فهو ليس مرئياً. ويمكن التحقق من أن "فيلاسكيز" أراد أن برسم لوحة يصور فيها نفسه. وأن المرآة فىفي الصورة تمثل طريقة لرؤية ما لايمكن رؤيته،وطريقةرؤيته، وطريقة لاكتشاف «الرمزى» فىفي الفن ووالتصور التصورالذهنىالذهني للوجود.وفى وفي [[رمزية المرآة]] ينكشف تاريخ الأفكار،حيثالأفكار، حيث تحل القيم الدنيوىية والإنسانية محل القيم المتعالية. وكان "سبينوزا"Spinoza (1632-1677) قد بلور نظريته حول وحدة الوجود العقلية بناءا على [[رمزية المرآة]]. على أساس أن "المرآة" هى [[التجسيد الرمزى للروح]] ، و أنوأن الحقيقة ليست خارج الإنسان،مثلماالإنسان، مثلما أن الإنسان هو جوهر الحقيقة. كل واحد منهما ينطوى على الآخر. والحقيقة هىهي مرآة مصقولة يرى من خلالها الإنسان ذاته، وحدوده الحقيقة. ورمزية المرآة فىفي الثقافة الإغريقية هىهي النور الذى ينعكس فىفي [[المرآة الكونية]]،ويضئ، ويضئ النفس البشرية بكل ما تحمله من قوى عقلية وخيالية وفكرية وعملية.
كذلك كانت فكرة التشابه تمثل مركزاً للمنظومة المعرفية لعصر النهضة، وهى تتخذ شكلاً دائرياً، مركزه التمثيل، كاستعارة رمزية للمعرفة التى جوهرها المحاكاة والتشابه . ويخطط الفنان المنظور انطلاقاً من زاوية واحدة وثابتة،لإدخال المشهد الخارجى إلى حيز اللوحة ،حتى يوحى بالعمق وبالمكان ثلاثى الأبعاد, اعتماداً على توفر نقطة تبدو فيها الخطوط المتوازية متلاقية كأنها هاربة. وفىوفي الحقيقة لم يكن المنظورمتبعاً فىفي "عصر النهضة" فقط ،بل اتبعه الرسامون القدماء ،غير أن إنجاز النهضة واضح فىفي التوصل إلى طريقة لتمثيل عدة موضوعات فىفي حيز مكانى واحد، اعتماداً على تخطيط شفاف، يساهم فىفي إظهار الموضوعات تتوالى وتتلاحق .فبدت اللوحة الفنية شبيهة بنافذة تنفتح على عالم أساسه التمثيل المنظورى، الذى يفسح المجال أمام مشهد خلفى وكأنه بذلك يحدث ثقباً فىفي مسطح اللوحة ليفتحها على العمق. وليس للمنظور دلالة تقنية- رياضية فقط وإنما له كذلك دلالة فنية- جمالية .
 
'''[[وصيفات الشرف]]'''
 
وينظر "ميشيل فوكو" Michel Foucault (1926-1984)إلى لعبة المرايا وانعكاس الأشياء دون بلوغ حقيقة التمثيلrepresentation الذاتى على أنه الموضوع المباشر للرسام، لأن الحقيقة رغم كونها [[المرآة]] المصقولة التى يتأمل فيه الإنسان القضايا المعرفية و الوجوديةوالوجودية والغيبية، تجعل «شدة الوضوح» هو «الاختفاء » عينه وهو ما لم يفكر فيه تاريخ الأفكار.والالتقاء بين «الحقيقة» كمرآة و«الإنسان» كمتأمل فىفي هذه المرآة يعكس نشوء المعنى كمسار حلقى ،مثل [[المفهوم الحلقى للتاريخ]] لدى الإغريق والذى يتمتع بمكانة أسطورية مقدسة. حيث اعتبر"أرسطو" أن الدائرة هى أكمل الأشكال (الهندسية). وعموما تصنف لوحة "فيلاسكيز" على أساس أنها تمثيل التمثيل ورسم الرسم.وتختلف «المرآة» المستوية التى يمثلها "فيلاسكيز "فى القرن السابع عشر،عن المرايا المحدبة التى رسمت فىفي لوحات القرن الخامس عشر.لذا بدا إنعكاس الملك والملكة فىفي المرآة غير دقيق ومائع،وتشبه هذه التقنية الطريقة التى اتبعت فىفي فى "فينوس فىفي مرآتها" فجعلت من [[المرآة]] عنصرا من عناصر التعبير الفنى. إذ احتلت [[المرآة]] جزءاً من درامية الصورة التى تدور حول موضوع "[[التحديق]]" ، وتسلط الضوء على العلاقة بين الواقع والوهم. ويلاحظ فىفي لوحة "وصيفات الشرف" غياب الموضوع الأصلى الذى هو "الملك" حيث لآ يظهر إلا منعكساً فىفي المرآة ،و يستنتج من تفرس الشخوص خارج اللوحة. و بهذهوبهذه الطريقة أصبح وجوده وجوداً" مجازيا" يقوى رمزية اللوحة المتمثلة فىفي العلاقة الثنائية:إبداع الفنان/ لقوة الملك ،الملك، وذلك توضحه هيمنة صورة الفنان على تكوين اللوحةكوحدة مهيبة، بالمقارنة بمجموعة الشخوص التى تحتل الفراغ الأكبر.إن تمثيل الملك يتوقف على فعالية لعبة المنظور،كوسيلة لاستحضار صورة الواقع فىفي اللوحة.
 
[[ملف:Las Meninas, by Diego Velázquez, from Prado in Google Earth.jpg| 521 × 600 pixelspx|تصغير|مركز|وصيفات الشرف-فيلاسكيز]]
وتعبر لوحة "الوصيفات" عن نظام الفكر الكلاسيكى الذى أصبحت معه المعرفة مقترنة بانعكاس الذات على ذاتها. أما معرفة القرن الثامن عشر، فتتمثل فىفي نسق من الدوائر المتداخلة ،فيه تتشظى مرآة العقل وانعكاس عدة صورغير مكتملة، مما يفسر تعدد دلالات العمل الفنى, وتعدد زوايا الرؤية كدليل على القدرة الإبداعية، فىفي مقابل قدرة الملك الذى يتلاشى عبر المرآة.وتعكس لعبة المرايا فىفي هذه اللوحة الأشياء دون تحقيق مبدأ التمثيل .وتلتقى فىفي اللوحة الصيغ المزدوجة المتزامنة. ويستخلص النسق الأساسى للوحة "الوصيفت "على شكل ثنائيات مثل: الملك/الفنان، الفنان/المشاهد،الاعتماد المتبادل/الإلغاء المتبادل، مما يسمح بتعدد تفسيرالمعنى. وتتقاطع العيون فىفي اللوحة ،وتفاجئ بعضها بعضاً فىفي شبكة معقدة للرؤية. أما المرآة فهىفهي لا تعكس شيئاً فىفي الواقع ،لا الرسام ولا شخصيات وسط اللوحة (الأميرة مارجريت والوصيفات) فهىفهي تخفى أكثر مما تظهر. فهىفهي بمثابة التجسيد الرمزى للروح Esprit وأما "الحقيقة "فتكمن فىفي نفس المتأمل عبر المرآة.
إن لوحة"وصيفات الشرف" التى تصور الأميرة "مارجريتا" محاطة بوصيفاتها والمهرجين من الأقزام وكلبها مع الحضور الطاغى للفنان نفسه حاملا لوحة ألوانه وفرشاته ،تشير إلى الحضور الذهنى والسيكولوجى للعناصر المصورة فىفي مقابل حضورها المادى.