الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تاريخ الجزيرة العربية/تاريخ البحرين»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط تنسيق باستخدام الأوتوويكي براوزر
لا ملخص تعديل
سطر 5:
 
وعذرنا في ذلك كله الحاح القاصد إلى تحسس الجذور الاصلية لتاريخ بلده- وان لم نتمكن من ربط جميع تلك الجذورفى تركيب متكامل. ونحن في هذا نستشف القديم من مختلف المصادر في الوقت الذى نغربل الحديث منها لكي نكون صورة عن نشأة تأريخ البحرين من خلال تاريخ طويل ومتشابك لحوض الخليج من شرقي شبه الجزيرة العربية.
، كما سنكتب البحرين بدون أقواس في حالة اعتبارها خاصة بجزر البحرين الحديثة.
 
ووجدنا انه من الاهمية ان نشير في صدر هذا الكتاب إلى وجود حلقات مفقودة من تاريخ جزر البحرين وما هو وارد منها عبر التاريخ حتى الآن فقد عرض بطريقة متداخلة للغاية، بل ان في بعضها تناقضاً خصوصاً فيما يتعلق بالعهود القديمة وكذلك بالقرون الوسطى اثر تجزئة الدولة الاسلامية وقبلها مباشرة. وسنحاول ان ننقل إلى القارىء جو هذا التشابك وذلك التعارض. وبسبب هذه العوامل فان تاريخ البحرين لم يزل في حاجة إلى المزيد من الدراسة والاستقصاء، وما هذا الكتاب الا من باب المشاركة المتواضعة نقدمه لمن سيسعى مستقبلا في تحقيق ودراسة "تأريخ البحرين" وتعيين خصائصه.
 
ولعل مما زاد في صعوبة دراستنا صغر رقعة البحرين الممتدة بدورها عبر عمر طويل يعود بها إلى المئات بل إلى الآلاف من السنين كما تشير بذلك بعض نتائج تنقيبات البعثة الدانمركية للآثار في البحرين. وفى هذا لا يخفى على القارئ مدى التشابه الكبير بين مدلول لفظة (البحرين) بمعناها القديم، والتى كانت تمتد من خليج البصرة بجوار الكويت إلى ساحل عمان، وبين البحرين التى تعني ارخبيل جزر البحرين فقط. ولهذا سنلتزم في هذا الكتاب استخدام (البحرين) بين هلالين للدلالة على المعنى القديم او المشتبه فيه، كما سنكتب البحرين بدون أقواس في حالة اعتبارها خاصة بجزر البحرين الحديثة.
 
ولعل القارئ يتساءل هنا معنا متى جاءت هذه التسمية الأخيرة؟ وكيف، وفى أي عصر اختصت جزر البحرين بالاسم الكلي؟..
جع المناسبة، كما نرفع شكرنا الخاص إلى صاحب العظمة حاكم البلاد على كريم رعايته للعلم في سبيل الحقيقة.
 
البحرين اسم طالما تردد سماعه في جنبات الخليج (العربي) قديماً وحديثاً. وبين مدلوله القديم والحديث مرت سنون بل قرون بعضها واضح المعالم والبعض الآخر لم يزل مطوياً في صفحات التاريخ يستنهض العقل الباحث في استجلاء الاستفهامات والاجابة عن الاسئلة المختلفة عن حقيقته فهل البحرين القديم هى البحرين الحديث؟ وما صلة ديلمون أو تلمون وتايلوس وأرادوس وأوال ومجانا بالبحرين؟ وما سر بحرها المالح والحلو في آن واحد؟ ولماذا تكثر حول جزرها العيون الحلوة وهى بجيولوجيتها جزء من صحراء شبه الجزيرة العربية؟ ما هى اسطورة دلمون وانكى آلهة المياه؟ ومن قيعان البحر ننتقل إلى ارض تلك (وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَي) التلال المقببة المنتشرة بالمئات فوق مساحة كبيرة نسبياً من البحرين، ما هو تاريخ تلك القبور التى بداخلها؟ ومتى وكيف مر بأرض (البحرين) السومريون وا لآشوريون والثموديون والفينيقيون؟ والدولة العربية الكبرى ما صلتها (بالبحرين)، ومن سكنها من القبائل العربية؟ ومن عاش على ارضها من شعوب الفرس والرومان والجرهائيين؟
 
لعلك أيها القارئ توافقنا اننا بصدد أطول تاريخ على اصغر مساحة من ارض قديمة وحديثة معاً. وربما صاحبت بمطالعاتك ابن بطوطة في رحلاته، او انك طفت مع ياقوت الحموي في "معجم البلدان" اوشاركت ابن الاثير في "الكامل" اوسمعت عن آثار البحرين التى تمتد إلى 50.000 سنة قبل الميلاد. تلك هى مجموعة جرر البحرين التى يحاول هذا الكتاب ان يضع بين يديك صورة عنها. وعليك انت ايها القارئ ان توسم تلك الصورة من الزاوية التى تريد عبر تاريخ طويل تناثرت ابعاده ومعالمه بين جنوب وادي الرافدين مروراً بالجرها او هجر إلى ملوخا او عمان على شواطئ الخليج. وهنا تجدر الاشارة إلى ان الجزر أي البحرين قد اكتسبت التسمية من الكل (البحرين) خلال تقلبات التاريخ وتطوره.
 
وبالاضافة إلى عدد من المسائل التى يتعرض لها هذا الكتاب من تاريخ البحرين فان القارئ سيجد الملاحق بآخره بعضها يكمل ما ورد من مواضيع والبعض الآخر قد يكون منطلقاً لدراسات أخرى في "تاريخ البحرين" مستقبلا. وفى كل هذا نشكر كل من عاوننا من الاصدقاء في امدادنا بالمراجع المناسبة، كما نرفع شكرنا الخاص إلى صاحب العظمة حاكم البلاد على كريم رعايته للعلم في سبيل الحقيقة.
 
واذ نتوجه إلى الله القدير بالتوفيق يسعدنا ان نكرر قول السلف الصالح "والله اعلم" فيما قصرنا وفيما اصبنا خدمة للتاريخ
 
== البحرين قديماً ==
وهكذابالقرب بدأمن تاريخمنطقة الممطلة جنوب وسط جزيرة (البحرين) بأسطورةوجدت ذكربعض العلامةادوات الدكتورانسان جوادالعصر عليالحجري جانبأالقديم منهاPaeolithic فيله الجزءكما الثانيوجدت منعلى سفرها المعنونمتسائلا "تاريخعن العربعلاقة قبلالاسطورة الاسلام"بموضوعية التأريخ. وفيالم يبدأ تاريخ العالم بأسطورة او بعدة اساطير؟ ولعلنا لا نغالي هذااذا اشارقلنا "نصص أرخ في السنة السابعة من سني فيليبس Phillipus فلفوس وتقابل سنة 317 قبل الميلاد، وهو نص بابلي ورد فيه اسم ارض دعيت برديسو Pardisu كان وتقابل هذه الكلمة كلمة Pildash أن وparades في العبرانية وفردوس في العربية، وتقع في القسم الشرقي من جزيرة العرب بين Maggana التي هي "مكان" وبين "بيت نبسانو Bit Napsanu" التي هي جزيرة دلمون. وقد حملت هذه التسمية بعض العلماء على التفكيرفي ان ماورد عن (جنة عدن) في التوراة انما اريد به هذه المنطقة التي تقع في القسم الشرقي من جزيرة العرب وعلى سواحل الخليج.
بالقرب من منطقة الممطلة جنوب وسط جزيرة البحرين وجدت بعض ادوات انسان العصر الحجري القديم Paeolithic له كما وجدت على الجزء الساحلي من تلك المنطقة بقايا بعض ادوات حجرية يرجح انها من آثار العصر الحجري المتأخر Neolithic ويعتقد الباحثون ان هذه المنطقة (المعروفة حالياً بالجزاير) كانت في تلك العصور الغابرة جزيرة تبعد عن الساحل الغربي حوالي اربعة كيلومترات. واغلب تلك الادوات البدائية التي وجدت في هذه المنطقة وجنوب غربي جبل الدخان كانت من الحجر الصوان، ومن بينها عدد يدوية للقطع والكشط وكذلك مجموعة من رؤوس سهام (نبال) يرجع تاريخها إلى 30 ألفأ أو خمسين الف سنة خلت. وفي هذا السياق ذكر المنقبون بعض احجار مسننة كانت تستخدم مع مواد اخرى كالمنجل للحصاد مما ينبىء بوجود مجتمع بدائي زراعي في البحرين في العصور السالفة من تاريخ الانسانا(1). ومثل هذه القرائن القليلة والبسيطة تنقل خيالنا إلى غابر الازمان لنعيش مع بعض الاساطير التى نسجت حول اسطورة حياة الخلود في دلمون البحرين(2).
 
ولعل القارئ يود ان يستوقفنا هنا متسائلا عن علاقة الاسطورة بموضوعية التأريخ. الم يبدأ تاريخ العالم بأسطورة او بعدة اساطير؟ ولعلنا لا نغالي اذا قلنا ان الاسطورة هي "المراجع الاولى" لتاريخ الانسان قبل ان يسطر تاريخه برموز مقروءة سماها الكتابة. والاسطورة كذلك هي التي حفظت لنا خيوطاً رفيعة نهتدي ببعضها إلى ابعاد من التاريخ غير المكتوب.
 
وهكذا بدأ تاريخ (البحرين) بأسطورة ذكر العلامة الدكتور جواد علي جانبأ منها في الجزء الثاني من سفره المعنون "تاريخ العرب قبل الاسلام". وفي هذا اشار "نص أرخ في السنة السابعة من سني فيليبس Phillipus فلفوس وتقابل سنة 317 قبل الميلاد، وهو نص بابلي ورد فيه اسم ارض دعيت برديسو Pardisu كان وتقابل هذه الكلمة كلمة Pildash أن وparades في العبرانية وفردوس في العربية، وتقع في القسم الشرقي من جزيرة العرب بين Maggana التي هي "مكان" وبين "بيت نبسانو Bit Napsanu" التي هي جزيرة دلمون. وقد حملت هذه التسمية بعض العلماء على التفكيرفي ان ماورد عن (جنة عدن) في التوراة انما اريد به هذه المنطقة التي تقع في القسم الشرقي من جزيرة العرب وعلى سواحل الخليج.
 
زهرة الخلود
السطر 43 ⟵ 31:
 
ولعل القارىء يستغرب وجود أكبر مقبرة تاريخية على اصغر رقعة ارضية في العالم. وبمثل هذا الاستغراب شارك عدد من المؤرخين وعلماء الآثار في تفسير هذه الظاهرة العجيبة. فجاء نفر منهم بعد البحث والتنقيب باجتهادات متباينة متناقضة، واهم ما انتشر منها الفكرة السائدة بان جزر البحرين كانت الارض المقدسة لساكني منطقة (البحرين) الذين كانوا يدفنون موتاهم في الجزء الشمالي من وسط جزيرة البحرين. ولكن كيف استطاع الأهون في الزمن الغابر حينذاك نقل موتاهم بحراً إلى جزر البحرين ؟ ومانوع السفن(1) التي كانوا بها يعبرون البحر؟ ام ترى كانت جزر البحرين متصلة بشبه جزيرة العرب في أحد العصور الجيولوجية؟
ولعل تلك الاجناس من الشعوب مجتمعة قد تركت لنا أكبر مقبرة في (البحرين) وماحولها بالساحل الشرقي لجزيرة العرب وساحل عمان، والتي يزيد عددها في جزر البحرين فقط على مائة الف مقبرة. واغلب هذه القبور المقببة ذات نمط واحد في بنائها وشكلها وطريقة دفن الموتى. ومقابر البحرين بانتشارها في رقعة واسعة نسبياً تختلف عن تلك المقابر الموجودة في وادي الرافدين او في واديادي الاندوس بالهند، وذلك بالرغم من وجود صلة حضارية بين (البحرين) والحضارتين المذكورتين منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، فهل (للبحرين) حينذاك حضارة خاصة بها؟ وفي هذا تشير التنقيبات الحديثة عن الاثار بان لجزر البحرين حضارة تعرف بدلمون والتي يرجع تاريخها إلى حوالي عام 2300 ق.م
 
من المعلوم ان شعوباً مختلفة استوطنت (البحرين) وكذلك جزر البحرين. فمنذ آلاف السنين وقبل ميلاد المسيح تعاقبت على هذه المنطقة شعوب بعضها من اصل سامي والبعض الآخر يختلف المؤرخون في تحديد اصلها. فهناك من يرجع نسب ساكني بلدان الخليج إلى سام بن نوح (عليه السلام) معتمدين في ذلك على اقوال وحكايات دينية. ومن المؤرخين من يرجع نسبهم إلى اجناس مختلفة استناداً إلى عوامل جغرافية واخرى لغوية او عرقية. ومهما اختلفت الاقاصيص التاريخية فانه من المرجح حسبما ورد في كتب الاخباريين عامة ان ينتسب ساكنو (البحرين) إلى قبيلة معد بن عدنان التي اليها ينتمي عرب الشمال.
 
ولعل تلك الاجناس من الشعوب مجتمعة قد تركت لنا أكبر مقبرة في (البحرين) وماحولها بالساحل الشرقي لجزيرة العرب وساحل عمان، والتي يزيد عددها في جزر البحرين فقط على مائة الف مقبرة. واغلب هذه القبور المقببة ذات نمط واحد في بنائها وشكلها وطريقة دفن الموتى. ومقابر البحرين بانتشارها في رقعة واسعة نسبياً تختلف عن تلك المقابر الموجودة في وادي الرافدين او في وادي الاندوس بالهند، وذلك بالرغم من وجود صلة حضارية بين (البحرين) والحضارتين المذكورتين منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، فهل (للبحرين) حينذاك حضارة خاصة بها؟ وفي هذا تشير التنقيبات الحديثة عن الاثار بان لجزر البحرين حضارة تعرف بدلمون والتي يرجع تاريخها إلى حوالي عام 2300 ق.م
 
حضارة دلمون "تلمون"
كتب الدكتور جواد علي في الجزءومعادنه مثل النحاس والبرنز وبأخشابه. وكانت به مملكة يحكمها ملك. وقد ذهب كرامر إلى أن
كتب الدكتور جواد علي في الجزء الثاني من مؤلفه "تاريخ العرب قبل الإسلام" فصلا خاصاً عن حضارة دلمون ".. وورد في النصوص الاكدية والسومرية اسم موضع آخر له علاقة على رأي غالبية العلماء ببلاد العرب هو موضع (Ni-Tuk-Ki) (Ni-Kuk) وهو دلمون Dilmun أو تلمون Tilmun وقد نذكر في النصوص الآشورية كذلك. ويظن الباحثون انه (البحرين) أو البحرين والسواحل المقابلة لها. وقد اشتهر موضع دلمون بتمره ومعادنه مثل النحاس والبرنز وبأخشابه. وكانت به مملكة يحكمها ملك. وقد ذهب كرامر إلى أن دلمون هي الأراضي التي تقع في جنوب غربي إيران وتمتد من جنوب مملكة عيلام إلى ما يقابل مضيق هرمز، ودليله على ذلك ما ورد في نص سومري، من وقوع دلمون في المشرق حيث تشرق الشمس ولهذا وجب أن تكون هذه الأرض في شرق سومر، لا في الجنوب كما هي الحال بالنسبة إلى موقع (البحرين) أو السواحل المقابلة لها. وإذا اقترن اسم دلمون باسم "مجان" و "ملوخا" وورد في النصوص الآشورية أن هذه الأرضيين تقع جنوب بيت يكين Matu Bit-ia-Kim التي تقع جنوب سومر على ساحل الأنهر المالحة أي مياه البحر وهو الخليج فان هذا الوصف يحملنا على حد قوله إلى التفكير في وقوع دلمون في جنوب غربي إيران أي في السواحل الشرقية للخليج المقابلة للبحرين والعروض.
 
غير أن أكثرية الباحثين ترى- كما قلت- إن دلمون هي البحرين للإشارات الواردة في النصوص الآشورية التي تدل علي أنها كانت جزيرة تحيط بها المياه، وان ملكها كان يعيش كالسمكة في وسط البحر على بعد 30 بيرو وقد ذكرها سرجون 732- 705 ق. م وآشور بانيبال. ويفهم من أقوالهما أنها جزيرة في البحر. والمسافة التي ذكرها سرجون تكاد تساوي بعد البحرين عن فم نهر الفرات. وهذا ما يحمل على الظن أن المراد ب "دلمون" البحرين - وقد ورد في أخبار سرجون الاكدي انه غزى دلمون أضاف الأرضيين المتاخمة لها إلى مملكته. وان "جوديا" حصل على الخشب. فبعد أن تمكن سنحاريب من بابل ودكها دكاً عزم على ضم دلمون إلى مملكته، أرسل وفداً إلى ملكها يخبره أمرين: إما الخضوع ل "آشور" وإما الخراب والدمار. فوافق ملك الجزيرة على الاعتراف بسيادة سنحاريب عليه، أرسل له بجزية ثمينة. كذلك كانت هذه الجزيرة في عداد الأرضيين التي كانت خاضعة لآشور بانيبال.
 
ثم استمر الدكتور جواد علي في ذكر أسطورة "ارض الحياة" وكيف أن هذه الجزيرة تعتبر مدفناً لما جاورها من بلدان خاصة للمنطقة المقابلة لها والمسماة جرها Garrha وهي الأحشاء في الوقت الحاضر. ثم كرر الدكتور جواد علي الرأي القائل بان مقابر (البحرين) فينيقية، ولكنه لا يرجح صحة هذا الرأي وذلك لعدم وجود القرائن والمبررات الكافية لإثبات وجهة النظر هذه.
 
وبهذا يلخص العلامة جواد عقب أهم ما كتب في التاريخ القديم عن جزر البحرين. ومع انه يرجح وجود حضارة خاصة بالبحرين إلا انه لم يعين بالتحديد وجوه التشابه والفروق بين (البحرين) وجزر البحرين في الجزء الثاني من مؤلفه الذي نشره سنة 1953 ويتضح كذلك أن الدكتور جواد علي فيما كتبه عن دلمون لم يحاول أن يبرز العلاقة بين دلمون وبين كل من مجان (يرجح انه عمان حالياً) وملوخا الهند. وربما تكشف التنقيبات الجارية للبعثة الدانمركية في البحرين منذ عام 1953 وبلدان الخليج عن بعض الحقائق حول هذه التسميات ومواضعها الأصلية.
 
ولقد ورد في الجزء الثاني من مؤلف الدكتور جواد علي أيضا ما ملخصه أن: مجان هو القسم الشرقي من الجزيرة (جزيرة العرب) من ارض بابل إلى الجنوب وفي رأي "هومل" كذلك أن مجان كانت في المنطقة المسماة كا 22 كاحل وملوخا هو القسم الغربي من جزيرة العرب أو في القسم الشمالي الغربي منها ولكن نفس المصدر يذكر أن ملوخا تقع في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من (البحرين) إلى عمان وقد اشتهرت ملوخا بوجود الذهب فيها وبالخشب الثمين. وبين هذه وتلك يرى "موسل" انه من الصعب جدا الاتفاق على موقعي (مجان) و (ملوخا) (1) لان مدلول الاسمين قد تغير مراراً. فالذي يفهم من النصوص التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد انهما موضعان يقعان في جزيرة العرب(2) على سواحل الخليج وعلى سواحل البحر الهندي.
 
ويتبين مما تقدم أنه حتى منتصف القرن العشرين كانت مجان في منطقة (البحرين) وان ملوخا في أمكنة مختلفة من جزيرة العرب وبدون تحديد غير أن تنقيبات البعثة الدانمركية للآثار قد استطاعت في السنوات القليلة الماضية أن تعين حدود دلمون التي كانت حاضرتها البحرين، وبذلك بدأت تكشف النقاب عن إمكانية علاقة (البحرين) بكل من مجان Magan و ملوخا Malukha.
 
وقد كتبت مجلة التايمز الأميركية في عددها الصادر في 18 أبريل 1960 تحت عنوان "المدينة.. موطن السوماريين" ما ترجمته: انه عندما ينظر المؤرخون إلى التاريخ القديم ليحددوا أول شعب متحضر فانهم يذكرون السوماريين الذين شيدوا مدينة ابراهام (في العراق قديما) حوالي 3000 ق. م، غير أن السوماريين حسب أساطيرهم يعودون بنسبهم إلى موطنهم دلمون التي منها نزحوا إلى العراق بعد "الفيضان" وقد قامت البعثة الدنمركية للآثار بتنقيبات في مقابر جزيرة البحرين أثبتت أن دلمون كانت بالبحرين. ودلمون كانت مدينة منيعة بحصونها، كما كانت منذ القديم الوسط التجاري بين حضارة وادي الرافدين وحضارة الاندوس. وفي المدة الأخيرة وجدت البعثة ختماً دائرياً بين بقايا حانوت نقاش قديم.
 
وهذا الختم الدائري هو المفتاح الذي استعانت به البعثة الدانمركية في التعرف على معالم تاريخ دلمون أي جزر البحرين. بل أن البعثة الدانمركية بمساعدة جوفري بيبي Geofry Bibby قد كشفت النقاب عن حلقات مفقودة من تأريخ البحرين، فأثبتت بصورة قاطعة أن تاريخ حضارة دلمون يرجع إلى عام 2300 ق. م كما بينت الحفريات الأخيرة في جزر البحرين وما جاورها من مناطق في الخليج حدود حضارة دلمون التي كانت تشمل الساحل الشرقي من شبه جزيرة العرب (وقد عرف هذا الساحل فيما بعد بالجرها Garrha والخط والعروض وهجر الممتد من جزيرة فيلكه(1) بالكويت إلى جنوب جزيرة البحرين. وهذا يعني أن مجان عمان حالياً لا تدخل ضمن حدود دلمون وكذلك فان ملوخا تكون خارج تلك الحدود).
 
واعتماداً على مذكرات هنري رولنسن H. Rawlinsun عن القبور الملكية في اور Ur من نتائج تنقيبات الكابتن ديوراند في جزيرة البحرين، هذا بالإضافة إلى تقارير البعثة الدانمركية في مجموعة Kuml يتبين انه في الألف الثالث قبل الميلاد كانت هناك حضارة خاصة بدلمون البحرين ومتميزة عن حضارة كل من وادي الرافدين بالعراق والاندوس بالهند. والحفريات التي تمت بجزر البحرين خلال الخمسينات الأخيرة تؤكد وجود تلك الحضارة بدليل قرائن رئيسية نذكر منها على وجه الخصوص
 
1- المقابر المقببة:
من المعروف لدى علماء الآثار أن المقابر الخاصة بحضارة وادي الاندوس توجد عادة في الحقول والمزارع خارج المدن حيث يدفن أو يحرق الناس موتاهم، وأما سكان وادي الرافدين بالعراق فانهم كانوا يدفنون موتاهم داخل البيوت حيث كانت توجد مقابرهم. ولكن سكان حضارة دلمون ومقابر جزر البحرين خاصة اتخذوا مقابرهم تحت التلال المقببة أماكن لموتاهم في غرف حجرية ذات نمط مميز كما سبق وصفه. ولعل آلاف المقابر المقببة التي مازالت قائمة اليوم عند قرية عالي هي ما تختص به دلمون عما جاورها من حضارات كانت الاتصالات بها وثيقة.
2- نوعية الفخار:
من العينات التي حصلت عليها البعثة الدانمركية للآثار بجزر البحرين تبين أن شكل القلل والأواني الفخارية تختلف في نقوشها وأشكالها عن نظيراتها في حضارتي الاندوس ووادي الرافدين. وهذا دليل على أصالة صناعة الفخار في البحرين. ومن الجدير بالذكر أن هذه الصناعة لم تزل من الصناعات التقليدية المحلية في منطقة عالي أيضا وحيث تتمركز أكثر المقابر الأثرية.
3-الأختام الدائرية:
يصف علماء الآثار أختام وادي الاندوس أنها ذات أشكال مربعة بينما أختام وادي الرافدين ذات أشكال أسطوانية. ولكن الأختام الفريدة التي وجدت بقلعة البحرين عند مدينة دلمون الأثرية وبأعداد كثيرة هي ذات شكل دائري خاص. انظر صورة هذا بالإضافة إلى ما عليها من رسوم ورموز مميزة لبيئة البحرين وأهمها نخلة التمر والغزال.
 
وخلاصة المطاف أن تاريخ البحرين يتأرجح خلال مختلف العصور في حلقات غير متصلة بين أسطورة "ارض حياة الفردوس " وبين بعض أختام دلمونية يرجع تاريخها إلى عهد باربار -المعبد الأول- حوالي 3400 سنة ق. م مصنوعة من حجر الأستيت ترمز إلى تجارة دلمون البحرية بالنحاس، وهى عبارة عن دعاء أو صلاة للآلهة (انان) آلهة الأرض عند سكان دلمون لحماية تجارتهم البحرية والعودة إلى الأرض.
 
السطر 82 ⟵ 43:
الموجودات الأثرية التي عثر عليها ضمن حفريات البعثة الدانمركية بجزيرة البحرين، وبين تلك الأساطير وهذه النتف المتبقية من قطع العصر الحجري وأدوات العصر البرونزي يمكن القول بان ساكني منطقة البحرين كانوا من الصيادين ثم اصبحوا كذلك مزارعين(1). ومن الزراعة اشتهرت هذه المنطقة وخاصة في عهد الجرها بالتجارة ومقايضة مختلف البضائع مثل الأخشاب والذهب والنحاس، كما كانت تصدر اللؤلؤ إلى ما جاورها من أمصار.
 
وان البحرين كانت أرضا مقدسة ذات حضارة مستقلة في مقوماتها وخصائصها وأثارها. ومن الطبيعي أن يتمازج ساكنو البحرين قديماً مع غيرهم من شعوب الخليج شماله وجنوبه، وكان من نتيجة ذلك الاختلاط أن وردتشداً إلى البحرينما عدة طوائف وشعوبوجد من الأممنوعية التيالفخار خلفتفي وراءهاكل آثاراًطبقة متباينةأرضية غمروضع التاريخترتيب بينزمني طياتهتقريبي العديديحدد منها،بعض والقليلعصور الذيتاريخ بقي طمسته الأتربة والتغيراتالبحرين التي حدثتنوجز فيأهم منطقةتواريخها الخليج.قبل ولقد حاول أعضاء البعثة الدانمركية أن يعينوا معالم تلك الموجات البشرية من حاول ما درسوه من طبقات أرضية في قلعة البحرين الأثرية وما جاورها منالميلاد قرى.كالتالي:
 
واستناداً إلى ما وجد من نوعية الفخار في كل طبقة أرضية وضع ترتيب زمني تقريبي يحدد بعض عصور تاريخ البحرين التي نوجز أهم تواريخها قبل الميلاد كالتالي:
 
41- من 2459 إلى 2304 قيين (1) Kassite ويتمثل عصرهم بالقلل المصن 500 قبل الميلاد إلى بداية الميلاد وهو عصر الاخمينيين والسلوقيين ويمثله الفخار المصقول ذو الأشكال المختلفة.
1- من 2459 إلى 2304 قبل الميلاد عصر الطبقة الأولى وتمثلها قلل الفخار ذات الأطراف التي على شكل سلاسل.
2- من 2303 إلى 08 31 قبل الميلاد عصر الاكاديين ويمثله فخار قرية باربار ذو الخطوط البارزة حول محيط الجرة.
3- من 1894 إلى 1165 قبل الميلاد العصر البابلي الأول والكيانيين (1) Kassite ويتمثل عصرهم بالقلل المصنوعة من الفخار العادي المحروق.
4- من 500 قبل الميلاد إلى بداية الميلاد وهو عصر الاخمينيين والسلوقيين ويمثله الفخار المصقول ذو الأشكال المختلفة.
 
ويلي تلك العصور حلقة بل حلقات أخرى مفقودة من تاريخ البحرين قبل الإسلام خاصة وهى الفترة التي كانت تشمل بضعة قرون من الزمان والتي لم يكن نصيب تاريخ البحرين خلالها أوفر مما سبق تحصيله.