حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل السابع عشر
والقمرُ الليلةُ يكتمل، وينادي العروسَ لتزفَّ إلى وسطِ السماءِ بينَ النجومِ وغيومٍ تذرفُ دموعَ الفرح، تتسابقُ النجوم بموكبها الطويل لتنقلَ العروس، عرسٌ سماويٌ بحجمِ الكون، وأنتِ فيهِ جميلةُ الجميلات، بفُستانكِ الأبيض أنرتي السماء، وكانَ كحلَ عينيكِ نبيذُ ضيوفكِ الليلة، لكِ وحدكِ كانت السماء تظهرُ جمالها، وحدها النجوم كانت موطنَ الحب، وأنت والقمرُ جيران هنيئاً للقمر جيرتُكِ.
العجوز : سامر تعال يا بني .
ركضَ سامر نحوها مسرعاً، ليقف أمامها،
قائلا : نعم، كيف تسيرُ الأمور ؟
العجوز : غداً زفافكما أنتَ ومنى، هذهِ النقود لتشتري بها لمنى فستاناً ولكَ بذلةٌ، ولتشتري أيضاً بعض الحلوى والعصائر، ولا تنسَ شراءَ خاتمِ الزواج لكَ ولها، وعليكَ أيضاً تجهيزُ بطاقاتِ الدعوةِ.
سامر : هل سيكون هنالكَ حضور ؟
العجوز : نعم وهذا أهم شيء، ولهذا السبب جئتكَ أطلبُكَ الزواجَ من منى، حتى يُشهر الزواج، ولأجلِ طفلكما. سامر : حسناً، ولكن لشراءِ الفستان وخاتم منى أحتاجُ لمجيئها معي .
العجوز : أعلمُ هذا، ولكن إذهب لتجهيزِ بطاقاتِ الدعوة، واحضر الحلوى والعصائر، وخذ منى بعدها لشراء ما تبقى.
سامر : حسناً، أشكركِ من كل قلبي يا خالتي كم أفرحتني.
عادت العجوز للمنزل وبدأت تُقنع منى بضرورةِ الذهاب مع سامر لشراءِ الفستان وغيرهِ، ولكن منى ترفض، إلى أن صرخت عليها العجوز،
قائلة : ألم يَقُل لكِ سليم بالحلمِ تزوجي ؟ ألم يَقُل حافظي على طفلكِ ؟ ما خطبُكِ ؟
منى : حسناً يا جدتي سأفعلُ ما تريدي.
العجوز : هيا جهزي نفسك لا وقتَ لدينا للغد.
ذهبت منى وآرتدت فستاناً أخضرَ ربيعياً، ووضعت قليلاً من الكحلِ الذي تتعطشُ شوقاً له عيناها، ولكن الذي يجبرُ منى على هذا حلمها بسليم فينبغي على الجميع أن يلاحظَ أنها عروس.
نزلت منى لصالة لترى سامر الذي وقفَ صامتاً مذهولاً بحسنها، يأكلها بنظراتهِ التي لم تكن وحشيةً هذه المرة، كانت حنونةً وطيبه.
العجوز : هيا يا بنيتي تعجلي وحالما تنتهيانِ من التسوق عُدا هنا فوراً.
منى : ألم تذهبي معنا ؟
العجوز : لا، أنا سأوزع بطاقاتِ الدعوة، هيا اذهبا، سامر انتبه لمنى.
سامر : لا تقلقي يا خالتي.
ذهبت العجوز وبدأت بطرق أبوابَ جيرانها وتدعوهم للحفل بيتاً بيتاً، ومنى تسيرُ بجانبِ سامر دونَ أن تلتفتَ له، وهو بدورهِ حائرٌ لا يعرفُ كيفَ يجعلها تتحدث أو تبتسم. دخلا عندَ صائغِ الذهب وطلب منه أن يريهُ المحابس، استغلَ الموقف ليسألَ منى : ما الذي أعجبكِ ؟
منى : لا يهم.
فقال صائغ الذهب : عروساً وغيرُ مبالية بخاتمِ زواجها، كيفَ هذا ؟
تيقظت منى من سؤالهِ لتجيب : بل مبالية ولكنه وعدني بشيء ولم يوفِ لي بوعدهِ لذا أنا غاضبة.
وفوراً أشارت بإصبعها للخاتمِ الذي أعجبها ، فاستغلَ الموقف سامر ليأخذهُ ويضعهُ بإصبعها، وكانت يدها ترتجف حينَ كان سامر ممسكٌ لها ويضعُ الخاتمَ، فأدركَ حجم الألم النفسي الذي سببهُ لها وبعفويةٍ سالت دمعته لتسقطَ فوق خاتمها وهو بإصبعها، فنظرت لهُ منى لترى للمرةِ الثانية نظرةَ الحنان، أطالا النظر بأعينِ بعضهما لدقائق حتى قالَ صائغُ الذهب : عفواً، هيا يا عريس اختر خاتمكَ. اختار سامر الخاتم وفضلَ أن يضعهُ هو بنفسهِ في إصبعهِ حتى لا تتوتر منى أكثر. من جانبٍ آخر أنهت العجوز دعوةَ جيرانها للحفل، وتوجهت لشيخ لتخبرهُ بأن يحضرَ غداً بتمامِ الساعةِ السادسة مساءً للحفل ليوثقَ عقدُ الزواج.
بعد مغادرة سامر ومنى لمحلِ الذهب توجها لشراءِ الفستان، دخلا المحل لتنصدم منى بجمالِ الفساتين، فابتسمت وقالت : انظر يا سامر جميعها جميلةٌ ماذا سأختار ؟ سامر بعدَ عدةِ دقائق لأنه لم يستوعب إبتسامةِ منى، وحديثها معه : آختاري ما تشائين سوفَ يتزينُ الفستان الذي ستختارينهُ بكِ .
احمرَّ خدُ منى من الخجلِ واختارت فستاناً وذهبت لغرفةِ القياس لتقيسهُ، وسامر بقمةِ الفرح أنَ منى كلمته، دفعَ سامر ثمنه واشترى بذلتهِ وعادا فوراً للمنزل.
منى تركضُ نحو العجوز بفرحٍ : جدتي لقد آخترتُ فستانٌ جميلٌ جداً، هل ارتديهِ الآن لتريهِ ؟
العجوز : لا يا بنيتي سأراهُ غداً بمشيئةِ الله أنا وعريسكِ، الآن خذي أغراضكِ وضعيها بخزانتكِ. ذهبت منى لتضع أغراضها بغرفتها وترتبهم.
العجوز لسامر : إنها طفلة لم أراها تضحكُ هكذا منذُ أن قدمت إليَّ أفرحها الفستان.
سامر : صحيح حتى أنها كانت تضحكُ هناك وتخبرني عن جمالِ الفساتين.
العجوز : أمرٌ جيدٌ أتمنى أن تتحسنَ الأمور.
سامر : هل ينقصُ شيءٌ للغد ؟
العجوز : لا، لكن لتعلم قد أخبرتُ الجميعَ أن منى حفيدتي، وأنها كانت تدرسُ خارجَ المدينة وعندما توفي والديها جاءت إليَّ هنا، هنالكَ أمرٌ أراحني أيضاً أن أهلَ القريةِ لا يعلموا بقصةِ الفتاة التي عذبها الملكُ وسطَ المدينة.
سامر : أمرٌ جميل الحمدلله، اسمحي لي يا خالتي أن أغادر الآن.
العجوز : لا، ستتناول معنا العشاء وتذهب، هيا اذهب نادي لمنى أصعد هذا الدرج أول غرفةٍ غرفتها.