حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل السابع

« حب وحرب لمؤلفته لارا احويت
الفصل السابع
»
الفصل السادس الفصل الثامن

سليم : منى أرجو منكِ ألا تنسيني مهما جرى، هذهِ حرب ولا أعلم أن كنتُ سأعودُ أم لا، أكملي دراستكِ وابقي متَفوقة كما عرفتكِ وإذ متُ من حقكِ الزواج ولكن لا تنسي أناملي التي لطالما ربطت لكِ ضفيرتُكِ، لا تنسي تلكَ الطرقات التي سلكناها سويةً، لا تنسي حبي لعينيكِ الخضراوانِ، لا تلقي رسائلي لكِ في القمامة.

منى والدموعُ تهطلُ من عينيها وكأنها المطر : لا يا سليم توقف أرجوك، ما أحببتكَ لأنساكَ، جعلتكَ بودائعِ الله يا حبيب قلبي .

سليم : إلى لقاءٍ بإذن الله.

منى : رافقتكَ السلامة .

وعادت منى إلى منزلها وهي تبكي وخائفة من طياتِ ما يخبئهُ القدرُ لها و لسليم، ومضى سليم إلى مَهمتهُ العسكرية التي لم يكن يحلمُ بها أبداً.

مضى أسبوعاً كاملاً دونَ أن تصلَ أيُ رسالةٍ من سليم، حتى أنَّ أخبارَ المذياع كانت محصورةٌ على عدد الوفيات من طرفي المعركة وآخر التطورات دونَّ أي تصريح عن جنود الوطن.

يدبُّ الرعبَ بقلبِ منى وأهلُ سليم، حينها ذهبت منى إلى غرفتها وألقت بنفسها على سريرها وتبكي بحرارةٍ، فقد نحلَ جسدها منذُ أن رحلَ سليم ولم تعد تأكلُ شيئاً ولولا أن سليم أوصاها بدراستها لتراجعت بدراستها أيضاً، في هذهِ الأثناء طرقاتٌ خفيفة على شباكِ غرفةِ منى، تقول منى : ما هذا العصفور الذي تركَ العالم وجاءَ لشباكِ غرفتي ؟ صوتٌ من وراءِ النافذة ينادي : افتحي شباكُكِ عصفوركِ مشتاق .

منى : سليم.

وأسرعت منى بفتحِ الشباك لتجدهُ سليم. منى : سليم هيا اقفز ستبتلُ من المطر. قفزَ سليم ودخلَ غرفةَ منى وعانقها عناق تلكَ الثواني والدقائقِ والساعاتِ والأيامِ والأسبوع التي غابها عنها، ومنى تبكي فرحاً بعودتهِ .

سليم : منى ما بكِ تبكينَّ ؟

منى : فرحاً بقدومِكَ وشوقاً لكَ.

سليم : ولكنني سأعودُ بعدَ قليل لمهمتي العسكرية.

منى : لا لن تعود، لن أحتملَ غيابكَ أكثر.

سليم : منى إن لم أعد سيظنُ الجميع أنني جبانٌ وخائنٌ، كما أن وطني يناديني لا مجالَ أن أبقى هنا.

منى : حسناً، سأحضرُ لكَ بعض الطعام لا بدَّ أنكَ جائعٌ.

ذهبت منى لإحضار الطعام وكانت تريدُ إخبار أهلها أن سليم هنا ليفرحوا ولكنها وجدت الجميعَ نائمٌ فقالت عندَ الصباحِ سأخبرهم. عادت منى إلى غرفتها لتجدَ سليم يرتاحُ على سريرها، وبذلتهُ العسكرية تشتكي مرارةَ المهمة التي هو بها. منى : هيا يا قلبي انهض وتناول طعامك. نهضَ سليم وتناول الطعام بشراهة وكانَ يخبرُ منى أنه من أسبوع لم يأكل سوا الكعكَ واللبن، وأنه كلَ يومين ينام فقط ثلاثُ ساعاتٍ وأحياناً أقل، وسألها عن دراستها وسُرَّ بعلاماتها وتفوقها، ولكنهُ غضبَ منها لأنها تهملُ صحتها إذ كانَ ذلكَ ملاحظٌ على جسدها الذي نَحِلَ أكثر، طلبَ منها أن ينامَ بعض الوقت وأن تيقظهُ في الساعةِ السادسة صباحاً. نامَ سليم وبقيت منى بجوارهِ تنظرُ إليه بكلِ ألم وحرقةِ قلب، تمنت منى لو أن الساعةَ لم تصبح السادسة فهي تريدُ كل الوقتَ مع سليم وبجوارهِ، ولكن سليم سيغضب إن لم تيقظهُ. استيقظَ سليم على أناملِ منى التي تداعبُ خده ليقبل يديها ويقول : صباحي بدأ بالياسمين يا لهُ من نهارٍ سعيد. فرحت منى بكلماته ووضعت له الإفطار وتناول سليم طعامهُ وأعطاها رسالة لأهلهِ وودعها وسط الدموع والأشواق المغلفة التي لم تأتي بعد. خرجَ من الباب وضلت منى تراقبهُ وتلوحُ له بيديها إلا أن اختفى عن نظرها، فبدأت بالبكاءِ، وخرجت خلفهُ لمنزلِ أهلهِ لتعطيهم رسالةَ سليم.