حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الرابع عشر
قد أخبرتُكِ أنَّ أناملِ القدر لا ترحمُ قَلبكِ الهش، هيَّ تزيدهُ طعناً وألماً، ترهقُ حنجرتكِ التي أوقفَ القدر صوتها، وسرُ عيناكِ الخضراوانِ لا زالَ هو اللغز، هو الحب بل هو الحرب، يا أيتها الضفيرةِ الهشة يا قصيرة ألم ترحميها حتى بعدَ أن قصتكِ؟
أنتِ التي لطالما كنتِ عسلَّ الحب، وخَنجرِ القتل، كلُ الأضدادِ بكِ مجتمعة، لابدّ أنهُ شيءٌ من الجنون . دخلت منى بنوبةِ بكاءٍ وصراخٍ شديد، وقهرٍ وحسرةٍ . منى : يا الله ماذا أذنبتُ لأعاقبَ بكلِ هذا ؟ يا الله لم يعد لديّ أهلٌ ولا حبيبٌ ولا بيتٌ لِمَ يا الله كل هذا ؟ لمن أبكي ؟ لمن أشتكي ؟ لمن أحني رأسي ؟ يا أبي رحلتَ دونَ أن تقتصَ لشرفِ ابنتكَ ويلاهُ يا حبيبي، يا أمي رحلتِ دون أن أبكي على كتفكِ دونَّ أن أشتكي لكِ وأستمع لمواساتُكِ، وأهل سليم لا يعلموا أنَّ ابنهم قد سبقهم، عودوا إليَّ يا أحبابَ القلبِ، عودوا إليَّ أرجوكم.
والعجوزُ خلفها تستمع لبكائها وكلماتها رنَ الحزنُ بقلبها هي الأخرى، جلست على الأرضِ بجوارِ منى ووضعت يدها على كَتفِ منى، قائلة : الصبر الصبرُ يا غاليتي. ألقت منى بنفسها بحضنِ العجوز، وهي تبكي وتشتكي الوحدةَ .
العجوز : كم هي قاسيةٌ عليكِ الحياةَ يا صغيرتي، ثقِّ تماماً يا بنيتي أنّ الله لن يخذلكِ، وأنَّ الزمن وحدهُ من سيداوي أَلمُكِ .
منى : ولكن يا جدتي لم يعد هناكَ ما يربطني بالكون، لا أب ولا أم ولا أخ ولا أخت ولا حبيب. العجوز : قد تتزوجينَ في الغد ويصبحُ لديكِ عائلة جديدة، لا تفقدي الأمل.
منى : ومن ذا الذي سوفَ يرضى بي خاصةً بعدَ أن اغتصبني ذاكَ الرجل اللعين ؟ وكيفَ لي أن أتزوجَ بعدما فقدتُ حبيب قلبي ؟ أينَ أضعُ وعودي لسليم ؟
العجوز : لا عليكِ يا بنيتي، الزمن سيتكفلُ بإصلاحِ كل شيءٍ.
مضى ثلاثُ أيام ومنى غارقة بدموعها، تجلسُ وحيدةٌ، لا تأكلُ شيئاً، حتى شعرت بالدوار وأنها تريدُ أن تستفرغ، انتبهت العجوز لخطواتِ منى السريعة نحو الحمام، وانتظرتها عند الباب، ما هي إلا عدةُّ دقائقٍ حتى خرجت منى . العجوز : ما بكِ يا بنيتي ؟ هل أنتِ مريضةٌ ؟
منى : كلا إنه مجرد استفراغ ولكنني أشعر بالدوار.
العجوز : هذا طبيعي لأنكِ لم تتناولي الطعام منذُ مدة، هيا يا بنيتي لقد أعددت دجاجٌ بالفرن شهيٌ جداً ستحبينهُ. ذهبت منى مع العجوز وجلست على المائدة وأحضرت العجوز الطعام للمائدة وما كادت تفوحُ رائحتهُ حتى أسرعت منى مرةً أخرى باتجاه الحمام لتستفرغ من جديد. العجوز لم يعجبها حالُ منى فقررت أن تأخذها إلى الطبيبة، وبعدَ ترددِ منى وافقت على الذهابِ لطبيبة. في عيادة الطبيبة، سألتها عن اسمها وعمرها وعن شكواها، وقررت أن تجري لها فحوصات لتتأكدَ من شكها . توافقت نتائج الفحوصات مع شكِ الطبيبة، لتقول لمنى : مباركٌ سيدتي أنت حاملٌ . ذُهِلت كلاً من منى والعجوز، وعفوياً بدأت دموعُ منى بالإنهمار بينَ شعورٍ بالفرح والخوفِ والضياع، والعجوزُ صامتة تفكرُ بالقادم. العجوز : هيا يا ابنتي انهضي لنعودَ للمنزل. نهضت منى عن السرير و شكرت الطبيبة، و أثناءِ مسيرهما نحوَ المنزل دار الحديث التالي بينهما ، منى : ما رأيكِ يا جدتي ؟ العجوز : بالحقيقة لم أتوقع هذا ولكن علينا العثورِ على الشاب. منى : لِمَ أنا لا أريدُ أن أراهُ. العجوز : أعلمُ هذا ولكن لابدَّ أن يتزوجكِ أمام الناس أقلها عدةَ أشهرٍ، أنا لن أدومَ لكِ طيلةَ العمرِ، تحتاجين لمن يحفظكِ و ابنكِ. منى : حسناً يا جدتي كما تشائينَ. العجوز : صفِ لي موقعَ ذاكَ الأحمق. وصفت لها منى موقعهُ، وأخيراً استطاعت العجوز الوصولَ إليهِ.