حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الخامس والأربعون
التفتت منى جهةَ الصوت ، و إذ هي امرأةٌ ترتدي خماراً و عباءةً سوداء ، خفقَ قلبُ منى ، فلم يكن منظرَ هذه المرأة يبعثُ الطمأنينةَ ، ظنت منى أنها تريدُ الماء ، دخلت لداخل و أحضرت كوبَ ماء ، لم تتفاجأ هذه المرأةُ من تصرفِ منى . منى : تفضلي الماء . المرأةُ : أنا لا أريدُ الماء . منى : أتحتاجينَ الطعام ؟ المرأة : لا . منى : إذاً تريدين نقوداً ؟ المرأة : لا . منى : إذاً ماذا تريدينَ ؟ المرأة : لقد رأيتُ السرَّ و أنا مارةٌ من هنا . منى : عن أيَّ سرٍ تتحدثين ؟ المرأة : السر الذي تبحثينَ عنهُ طيلةَ الوقتِ . منى : و لكنني لا أبحثُ عن شيءٍ . المرأة : بل تبحثينَ عن المفقود . منى : صدقيني لا أعلمُ عن ماذا تتحدثينَ ؟! طلبت المرأة من منى أن تدخلا للمنزل ، و قامت هنالكَ بالكشفِ عن وجهها ، انبهرت منى من شدةِ جمالها ، لم يكن القمر ينتظرها لتجلس مكانهُ ، بل كانَ يدعوها للجلوس مكانهُ ، فتنت بجمالها منى حتى أنها حمدت الله أنها ترتدي الخمار ، لأنها خشيت أن يفتنَ بجمالها سامر . نعم تلكَ هي غيرةُ النساء ، المرأة تغارُ من كلِ شيء حتى اللاشيء ، و هي دائماً بصراعِ المقارنة ، هذه المقارنة تدخلها دوامة قد تقتلُ المرأة من تغارُ منها ، لكن علينا معرفة أن الغيرةَ هنا تتنوع ، قد تغار من جمالها ، أو علمها ، أو عملها ، أو لمجردِ أنها متزوجة ، أو لديها أطفال ، أو حتى لو كانَ زوجها يحبها . لن يقطفَ من عقولِ النساءِ سوا التعب ، غنيمةٌ غيرُ مربحة ، تحتَ جذورِ اللامبالاةَ ترعرت ، هي تلكَ الغرسةُ الغيرُ صالحة . بدأت تعرفها على نفسها ، اسمي حسناء و قد كنتُ مارةً من هنا بالصدفة ، عجبني منزلكِ جداً ، لكن أولَ ما رأيتُكِ رأيتُ سراً . منى : ما هو السر ؟ حسناء : لن أخبركِ بهِ ، أعتذر . منى : لقد كنتِ تنادينني قائلة : تعالي أقصُ لكِ الحكايا . حسناء : رأيتُ السرَ عن بعد ظننتُ أنكِ تعرفيه ، و لكن الآن يتضح لي أنكِ لا تعرفينهُ . منى : إذاً أخبريني عن السر إن كنتِ صادقة !. حسناء : أنا صادقة ، و لكن ليسَ من مصلحتكِ معرفتهُ . منى : لو كنتِ تصدقينَّ القول لَقلتِ لي ، دونَ أعذارٍ كاذبة . حسناء : أنتِ تفتقدينَ شيئاً لا تعرفينهُ ، أليسَ كذلكَ ؟! منى : نعم صحيح . حسناء : أنا أرى بوضوح ما تفتقدينهُ . منى : رجاءً أخبريني ما هو . حسناء : أبحثِ عني كما تبحثينَ عنهُ ، حينها سأُخبركِ به . القت بوشاحها على وجهها ، و قامت مغادرة للمنزل و منى تحاولُ إيقافها ، لكنها لم تكترث لها ، ضلت منى تركضُ خلفها ، حتى توقفت أمامَ حسناء سيارة ، ركبت بها و لم تتمكن منى من اللاحقِ بها . وليد : هيا يا سامر ، أمامكَ اليوم مهمةً شاقة . سامر : ما هي ؟! وليد : سَأرسلكَ إلى مكان على حدودِ المدينة . سامر : لِمَ ؟ وليد : هناكَ سوفَ تقابل رفاقي ، لقد أحضروا إليَّ بضاعة أريدُ منكَ الذهابَ لجلبها . سامر : حسناً ، أنا ذاهبٌ . وليد : بالسلامة . كانَ الوقتُ ظهراً و كانت المسافة طويلة ، وصلَ سامر إلى الموقع بعد منتصفِ الليل ، وجدَ رفاقَ وليد هنالكَ ، لم يرحبوا بهِ الأمرُ الذي تفاجئَ منه سامر ، فتحوا البابَ الخلفي لسيارةِ سامر دونَ سابقَ إنذارٍ ، وضعوا بداخله ما يقاربُ عشرون كرتونةٍ محكمةَ الإغلاق ، ثم طلبوا منهُ أن يأخذهم لوليد ، و أن يحاول ألا يواجهَ الشرطة . قادَ سامر سيارتهُ عائداً إلى وليد ، و لكن كانت أمامهُ سيارةَ شرطةٍ ، لم يكن يوجدُ طريقاً آخر يسلكهُ سوا هذا الطريق ، قرر التظاهر بأنهُ طبيعياً ، أشار لهُ الشرطي بالتوقف ....