حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الثاني عشر

« حب وحرب لمؤلفته لارا احويت
الفصل الثاني عشر
»
الفصل الحادي عشر الفصل الثالث عشر

إلى صاحبةِ الضفيرةِ الشقراء، إلى تلكَ الياسمينة المهمشة، يدعوكِ القدر في أيامٍ ستأتي بالصبر، لا تتعجلي البحثَ عن عرافةٍ تفتحُ لكِ تلكَ الحلقاتِ المخفية، يكفيكِ يا براءةَ السماء أن تكفكفي دمعَكِ، وتنشغلي بمحاولةِ أن يصمتَ قلبكِ الذي لا يتوقف عن البكاء . دعِ حقائبَ أحلامكِ ترحل، خذيها لأقربِ قطار لا تدفعي ثمنَ رحلةِ سفرها، ليسَ لأنكِ تفتقرينَ المال، بل لأنها خائنة كانت تخذلكِ مرةً تلوَ الأخرى. وسطَ تجمهرِ سكانَ المدينةِ جاءَ الملكُ، ووقفَ على المنصةِ. قائلاً : أيها الشعب العظيم، لقد جاءت هذه الفتاة من مدينةٍ أخرى ومعها جثة، وكانت مهمشةَ الجسد، بثيابٍ ممزقة، قد اغتصبها ذاكَ الرجلُ صاحبَ الجثة، وقامت هي بقتله، وإنهُ وفقاً لأحكام المدينة عُوقِبَ الرجلُ صاحبَ الجثةِ على يد حُراسي بإطفاءِ السجائرِ على جسدهِ واستعمال أدواتٍ حادة لتهميشِ جسده، وتمَ دفنهُ. أما هذهِ الفتاة ستعاقب بالإعدام لقتلها نفساً، ولأنها تحملُ العار وهذا لا أحتملهُ في مملكتي الطاهرة، قد أتجاوز عن الإعدام في حالةٍ واحدة إذ تزوجها أحد رجال المدينة. منى وسطَ ذهول بالظلم وبقرار حاكم البلاد : مولاي صدقني ليس هذا ما جرى، أنتَ تظلمني وتظلمُ سليم، لا يحقُ لكَ أن تفعل كل هذا دونَ الاستماعِ مني. الملك : اخرسي، هيا أيها الحراس استمروا بجلدها إلى أن يأتي من يريدُ الزواجَ منها إلى المنصة، وإن لم يحضر أعدموها. منى : لا لا أرجوكَ إستمع لي من فضلك. والثعبانُ يلسعُ بجسدها والحراس جميعهم يجلدوها بأسواطٍ قاسية لا ترحم، وبينَ مزيداً من الألام والدماءِ التي تنزف، ينظرُ إليها أهل المدينةِ باشمئزاز، يتهامسونَ فيما بينهم بأن هذا العقاب قليلٌ عليها. استمرَ تعذيبُ منى ثماني ساعاتٍ متواصلة دونَ توقف، ونظراً لأنه لم يتقدم للمنصةِ أيَّ رجل، قرروا إعدامها، ومنى لم تبدي أيَّ مقاومة لأنَ جسدها لم يعد يقوى على أيِّ حركة، حتى أن الثعبان الذي كان يلسعها قد مات فوقَ جسدها مقطوعاً إلى أشلاء من كثرةِ وقوةِ الأسواط التي كانت تضربها. لمن يتسائل : كيفَ لم تمت منى من سمِّ الثعبان ؟ الإجابة : أنهُ جرت العادة بسحبِ السمّ منهُ قبلَ إلقائهِ على الشخص المراد إعدامه ، كي لا يموتَ فوراً إذ أن حكمَ الموتِ إعداماً وليس بلسعةِ ثعبان، والسبب الآخر ليعذبَ أكثر بلسعاتِ والأسواطِ. جاءَ وقتُ إعدامها ففرحت منى لتلحقَ بحبيبها سليم، ولكي تتخلصَ من هذا العذاب، وأصبحت تضحكُ بصوتٍ عالٍ كالمجانين، وجميعُ من حولها مستغربينَ من موقفها هذا. أمرَ الملكُ الحارسَ بأن يدفشَ الحجرَ التي تحتَ قدمي منى لتعدم. وما يكادُ الحارسُ يفعلُ هذا حتى وصلَ كلبٌ إلى المنصة . فقال الملك : أنتظر أيها الحارس. وراحَ الملكَ وحراسهُ يحاولونُ دفعَ الكلبِ إلى خارجِ المنصة، ولكنه لم يستجب إليهم، كانَ يعودُ للمنصةِ كلما أبعدوهُ عنها. حتى قال الملك : حسناً ها هو زوجها قد وصل يلغى حكم الإعدامِ عنها. وضحكَ الجميع والملك يداعب شعرَ الكلب ضاحكاً ويقول لهُ : مباركٌ زواجك أيها الرجلُ الوسيم. بهذه الأثناء كانت منى مغشى عليها، ففكَ الحارسُ الحبلَ عن رقبتها.