حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الثالث والأربعون

« حب وحرب لمؤلفته لارا احويت
الفصل الثالث والأربعون
»
الفصل الثاني والأربعون الفصل الرابع والأربعون

عن تلكَ الرسائل التي أرادت الأقدار أن تأتي إليَّ بها امرأةُ الجن، كانَ لباسها الطويل يخيفني، لم يبعث الطمأنينةَ بقلبي، أنا لا أقصد التعميمَ على ذواتِ اللباسِ الطويل، ولكن أصبحَ قناع، البعضُ منهنَّ يخفينَ بهِ تلكَ الفناجين، وتلكَ الرموز، رموز أظنها وسيلةَ اتصالٍ بينها وعالمِ الجن، لا أعلم كيفَ تمكنت من معرفةِ عالمهم، ولا أعلم كيف تعلمت لغتهم، أو حتى تلكَ الطلاسمَ التي تقرأها بالكف، أو بالفنجان. كل ما أعلمهُ أنني خائفة من المجهول، أو إن جازَ التعبير خائفة من معرفةِ الحقيقة . تلكَ الحقيقةُ التي أشعرُ بها، لا أريدُ إدراكها، أشعرُ كأنها سَتهدمُ أحلامي، كأنها سَتمزقني إلى أشلاء. يا ترىُ ما بالُ نبضاتِ قلبي تتخبط ؟ ما الشيءُ الذي يخيفني ؟ أيها السحرة والمشعوذين أخبروني عن سرِ خوفي اسألوا من أمنتم بهم عن سريَّ المفقود. يا قارئةَ الفنجان تعالي إليَّ، فكِ الطلاسمَ، إقرأيها. حرريني من عبوديةِ تلكَ الغصة، إقرأي لي أسراري التي أفتقدها. الويلُ من آستهتاركِ ومن أنانيتكِ، الويلُ من الجنِ وما جأوا بهِ، الويلُ لقلبي صاحبَ تلكَ النغزةُ اللعينة . كيفَ سَتشفع لي لطماتِ خدي ؟ كيفَ سَتسامحني حباتِ التراب التي نثرتها على نفسي ؟ من ينسيني ذاكَ السر ؟ من يخفي عني الحقيقة ؟ الفضول قاتل، نتعجلُ بالمعرفة، ورغمَ الصدِّ من الجهةِ الأخرى، إلا أنَ الفضول سيدُ الموقف، عندَ معرفةِ السر هكذا نظنُ أن ضمائرنا قد ترتاح، لكنَ المفاجئة هي إدراكُ الحقيقة، فَبعضُ الحقائق نتمنى أننا لم نعرفها . بعنوان الطهارة، ماذا قالت مريم العذراء حينَ جاءها المخاض ؟ قالت :ْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا. لماذا أرادت مريمَ العذراءَ الموت ؟ ما الذي أرادت أن تنساه ؟ وما الفرق بين نسياً ومنسياً ؟ هل عارضت مريمَ العذراء القدر وتمردت عليه راجية الموت ؟ لا هي لم تعارض القدر، هي تعلمُ أنَ الناسَ سَيقذفونها بالفاحشة ؛ لأنها لم تكن ذات زوج، وقد حملت وولدت، فيقول القائل أنى لها هذا ؟ {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}. فجعلَ اللهُ لها من ذلكَ الحال فرجاً ومخرجاً، وأنطقَ الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله، وكان آية عظيمة، ومعجزة باهرة صلواتُ الله وسلامهِ عليهِ . من غيرِ اللائقِ إذاً أن نتمردَ على القدر، لأنهُ بالنهاية هو لحكمةٍ ما، تلكَ الغاية، وذاكَ الهدف وراءَ ذاكَ القدر. خافت مريم من سؤالِ قومها، لكن الله كرمها بأن يكونَ طفلها رسول، كرمها بتلكَ المعجزة طفلٌ بالمهدِ يتكلم، هذا هو فرجُ الله، حيثُ الطمأنينةِ، حيثُ السلام .