حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الثالث عشر

« حب وحرب لمؤلفته لارا احويت
الفصل الثالث عشر
»
الفصل الثاني عشر الفصل الرابع عشر

وأنا الذي آعتدتُ على أن أُناديكِ يا براءة السماء تعالي إلى أحضانِ قلبي لعلَ غبارَ الذكرياتِ المريرةِ يرحلُ عن كتفكِ الهش، أشيحي وشاحَ الشحِّ عن وجهكِ البدر، وانظري لمرأتُكِ يا صغيرتي متباهية بذاكَ الجدارِ الأخضر الذي يطوقُ عيناكِ، لا ترحلي وأنا الذي اعتادت عينايَّ على شروقكِ، لا ترحلي وأنا الذي رويتُ الصحاري بنبيذِ عشقكِ، وجعلتكِ خمري وسجائري الرفيقة.

توجهَ الكلبُ نحوَ منى وبدأ يجرها من طرفِ فستانها حتى وصلَ إلى حديقةٍ جميلة مليئة بأشجارِ الفاكهة، وبحيرةٌ يملؤها الماءُ العذب، وكانَ وسطَ هذهِ الحديقةِ بيتٌ ريفيٌ صغير ولكنه جميلٌ جداً من الخارج. بقيت منى مغشى عليها وسطَ الحديقة عدةَ ساعاتٍ حتى خرجت صاحبةُ المنزل، كانت عجوزاً ذاتُ ملامحٍ بريئة، ويبدو عليها طيبةَ القلبِ.

تفاجئت بوجودِ فتاةٍ في الحديقة. العجوز : يا ترى من هذه الفتاة ؟ لِمَ جسدها مشوهٌ هكذا ؟ لِمَ ثيابها ممزقة ؟ كيفَ وصلت إلى هنا ؟ بدأت العجوز تتحسسُ نبضها، وقالت : الحمدلله، ما زالت على قيد الحياة. حاولت بكلِ قوتها أن تحملها لداخلِ المنزل، وتمكنت من إدخالها وخلالَ بضعِ ساعاتٍ قليلةٍ حتى بدأت منى تستيقظُ تدريجياً. منى : من أنتِ ؟ كيف جِئتُ أنا إلى هنا ؟ يا جدتي لا تؤذيني أرجوكِ كل ما قد أخبروكِ عنه ظلم، أنا لم أقتل سليم. العجوز : لا بأسَ يا بنيتي، إطمئني لن أؤذيكِ سنتحدثُ لاحقاً، الآن عليكِ أن تذهبي للإستحمام، ولقد وضعتُ لكِ بالحمام فستانٌ جميل لحفيدتي ولكنها مسافرة ليست هنا، ارتديهِ وتعالي. أرشدت العجوز منى إلى مكان الحمام، ودخلت منى وبدأت تنزعُ بملابسها، وتتأملُ خدوشَ جسدها من ذاكَ الشاب الذي اغتصبها، وتتأملُ أثارَ الأسواطِ على جسدها ولسعاتُ الثعبان، وتنهمرُ بالبكاء وهي في حوضِ الإستحمام، وبدأت تتذكرُ سليم، وما جرى لهما، وتذكرت أهلها، واستمرت بالتفكير إلى أن انتهت من الإستحمام آرتدت الفستان وعادت للعجوز بشعرها المبلل، وعيناها الدامعتان، فأدركت العجوز أن منى لم تستحم منذُ مدة وفي هذا الإستحمام لاحظت أثار العذاب على جسدها النحيل، جلست بجوارِ العجوز وهي تبكي، احتضنتها العجوز، الأمر الذي جعلَ منى تبكي بحرقة بعد تذكرها لأحضانِ سليم وما يزيدها بكاءً أن طيلةَ الفترةِ الماضية كانت تمرُ بجميعِ أنواعِ العذاب ولم تشعر بالحنان، بقيت دقائقَ طويلة بحضنِ العجوز إلى أن انتبهت أنها قد تكون سببت لها مضايقة . منى : اعذريني يا جدتي منذُ مدة لم أشعرُ بشعورٍ جيد. العجوز : لا بأسَ يا بنيتي، أديري لي ظهركِ لأربطَ لكِ ضفيرتُكِ. منى وسطَ دموعٍ غزيرة وشريطُ ذاكرتها مع سليم وضفيرتها : حسناً يا جدتي. وحينَ أنهت العجوز ربطَ ضفيرتها، طلبت منها منى أن تقصها، وبعدَ عدةِ محاولات إقناع من العجوز بتراجعِ عن هذا القرار، إلا أن منى أصرت على موقفها، وبالفعل قصتها لها. أعدت العجوز لمنى طعامَ العشاء وتناولت منى جميع ما وُجدَ على المائدة بشراهةٍ كبيرة وتخبرُ العجوز أنها منذُ مدةٍ لم تأكلَ أيَّ شيء. وعندما أنهت منى طعامَ العشاء، طلبت منها العجوز أن تقصَ لها حكايتها كاملة، وبدأت منى تروي لها قصتها كاملة. بعدَ سماعِ القصة حزنت العجوز حزناً شديداً على منى حتى أنها بكت مع بكاءِ منى واحتضنتها طويلاً.

منى : جدتي أريدُ العودةَ إلى أهلي غداً.

العجوز : لا ينبغي أن ترتاحي لعدةِ أيام وبعدها تذهبين.

منى : حسناً يا جدتي .

العجوز : هيا يا بنيتي اذهبي لنوم بغرفةِ حفيدتي، لا تخجلي اعتبريها مثلَ غرفتكِ، حفيدتي لا تأتي إلى هنا أبداً.

منى : حسناً يا جدتي، أشكركِ.

نامت منى بهدوءٍ وراحة رغمَ كلِ العذاب الذي تعرضت له بنوعيه النفسي والجسدي.

استيقظت صباحاً على زقزقةِ العصافير، وتغاريدِ البلابل وسارعت بتوجهِ نحوَ التلفاز.

وحينَ فتحتهُ تفاجئت بمذيعةِ التلفاز التي تنقلُ الاخبارَ من أمامِ منزلِ أهلها لتعلن عن ضحايا جديدة من العمل الإرهابي، وتقرأ أسماءَ الضحايا ليكونَ من ضمنهم والدها، ووالدتها، وأختها، وأخيها، وعائلةُ سليم بأكملها.