تاريخ الفلك/بلوتو.. الكوكب الغامض

« كتاب تاريخ الفلك
بلوتو.. الكوكب الغامض
»
رسالة من وراء الشمس!! حزام كايبر

تنبيه: قد تكون بعض المعلومات الواردة قديمة، فهذا الكتاب كتب عام 2004، وعلم الفلك علم سريع التطور والتغير. بلوتو لم يعد يُصنَّف كوكباً الآن، بل تغير تصنيفه إلى كوكب قزم، كما أن عدة أقمارٍ جديدة اكتشفت له غير شارون

رسم تخيليٌّ للكوكب الجليدي القزم بلوتو.

كلمة بلوتو (Pluto) في أساطير الفلك كانت اسماً يُطلَق علي الإله الذي يذهب إليه البشر، وكان الرومان يعتقدون أنه إله العالم السفلي، لهذا كان الإغريق يسمونه "Hades". ويذكر أن كوكب بلوتو اكتشف في عام 1930، خلال عملية استكشاف للأجرام السماوية، وظلَّ هذا الكوكب مصدراً للغموض منذ ذلك الحين، لدرجة أن التلسكوب الفضائي العملاق هابل لم يتمكن إلا من رصد تفاصيل قليلةٍ للغاية عن سطحه الجليدي. فهل فكرت كيف يكون وزنك فوق بلوتو؟ فبلوتو صغيرٌ جداً، لهذا سيكون وزنك خفيفاً عليه. فلو كان وزنك 70 كلجم فوق الأرض فسيكون 7 كلجم فوق الكوكب بلوتو. ويلوتو أصغر حجماً من سبعة أقمارٍ موجودة بالمجموعة الشمسية، لهذا فإن الكثير من العلماء لا يعتبرونه كوكباً بالمرة. ففي سنة 1999، كانت مجموعة من العلماء قد اعتبرته مذنباً أو كويكباً. لأن بلوتو يعتير الكوكب الوحيد الذي لم تزره مركبة فضائية من قبل، لذا فالمعلومات عنه ضئيلة ومعظمها محض تخمينات. والكوكب قطره 2,390 كم، ويبعد عن الشمس 5914,18 مليون كم، وكتلته 0,03 من كتلة الأرض وسنته (مدة الدوران حول الشمس) تعادل 247,7 سنة أرضية، سرعة دورانه حول الشمس 4,75 كم/الثانية ويومه (مدة دورانه المحورية) تعادل 6,4 أيام أرضية، وأما درجة حرارته فتتراوح من - 239 إلى - 215 درجة مئوية. ومكونات غلافه الجوي هي: غاز الميثان وغاز النيتروجين، ويعتبر غلافه غلافاً جوياً رقيقاً، ويعتبر بلوتو جزءاً من أكبر حزام من الأجرام الصغيرة الواقعة وراء مدار كوكب نبتون، يطلق عليها حزام كايبر (Kuiper Belt). وهذه المنطفة تتكون من آلاف العوالم الجليدية التي لا يتعدى قطر الجسم الواحد منها الألف كم، والتي تعتبر مصدر المذنبات (comets) والأجسام الفضائية في النظام الشمسي. وبالرغم من أن كوكب بلوتو اكتشف عام 1930، إلا أن المعلومات ما زلت شحيحةً عن هذا الكوكب النائي، وظل لليوم الكوكب الوحيد في المجموعة الشمسية الذي لم تزره أي مركبة فضائية، لهذا فإن المعلومات عنه ما زالت مطويَّة عنا. فهو أصغر كوكب في المنظومة الشمسية، وقطره أصغر من قطر قمر الأرض بـ1086 كم، وهو أبعد كوكب في المجموعة الشمسية (مع أنه يدخل في مسار مدار نبتون ثم يبتعد من جديد، مما جعل العلماء يعتقدون أنه وقمره مجرد قمرين للكوكب نبتون).

أول رحلة عدل

انطلق مسبار نيوهوريزونز (New Horizones) (أي "الآفاق الجديدة") ليكون أول مبعوث يتجه إلى أبعد الكواكب الشمسية. فلم يسبق أن وصلته رسالة من الأرض أو وطأته مركبة فضائية، ويعتبر بلوتو أبرد وأصغر وأبعد كوكب بالمجموعة الشمسية. في يناير الماضي، انطلقت مركبة الفضاء نيوهوريزونز من قاعدة كيب كارنيفال في الولايات المتحدة إلة كوكب بلوتو، لتصله عام 2015. وهو الكوكب التاسع في المجموعة الشمسية وأصغر الكواكب حجماً وأقصاها بعداً، والكوكب يدور حول الشمس مرة كل 247,9 سنة أرضية على مسافة 5880 مليون كم. ومدار هذا الكوكب غير مركزي (بيضاوي) وغير دائري لدرجة أنه أثناء دورانه حول الشمس يقترب منها في بعض النقاط ويكون أكثر قرباً منها ممَّا يكون عليه كوكب نبتون. وبلوتو قطره 2360 كم، وهذا تقريباً يعادل ثلثي حجم قمر الأرض. ولعدة سنوات كانت كل المعلومات عن هذا الكوكب مستمدة من خلال معطيات التلسكوبات العملاقة، وتعتبر معلوماتٍ قليلة نسبياً. لكن في سنة 1978 اكتشف الفلكيون قمراً كبيراً نسبياً تابعاً لكوكب بلوتو ويدور حوله على مسافة 19,600 كم، وأطلقوا عليه القمر شارون (Charon)، ومنذ فترة قصيرةٍ بدأ الكلام عن بلوتو وهويته، هل هو حقيقة كوكب أم مذنب؟ وبما أن بلوتو يختلف تماماً عن الكواكب الأخرى، فتستغرق رحلة المسبار 10 سنوات عندما يصل لمدار المشتري، حيث سيكتسب سرعة زائدة من جاذبيته تعادل 4 كم في الثانية، ليبتعد عن الشمس وليتجه مباشرة لبلوتو ليصل إليه في يوليو 2015، وعليه 7 أجهزة لرسم سطحه وتحديد مكوناته وتكوين جوه هو وقمره. وسيزور المسبار جسمين من أجسام حزام كايبر قطر كلٍّ منهما 50 كم.

سطح بلوتو عدل

 
رسم تخيلي لسطح كوكب بلوتو الجليدي.

في عام 1988 اكتشف العلماء أنَّ بلوتو جوُّه رقيقٌ ومكون أساساً من النينروجين وقليلٍ من الميثان وأول أكسيد الكربون. وأن ضغطه الجوي أقل من ضغط أرضنا 100 ألف مرة، ويعتقد أن سطحه يتجمَّد معظم سنته عندما يبعد عن الشمس، وفي سنة 1994 بين تلسكوب هبل الفضائي أن 85% من سطح الكوكب قلنسوة جليدية، ويظهر تضارباً لونياً بين مساحات فاتحة اللون يُعتَقد أنها جليد نظيف ومساحات غامقة اللون من الجليد القذر. وبلوتو يستقبل واحداً على ألف من الكمية التي تستقبلها الأرض من أشعة الشمس، لهذا يعتبر كوكباً متجمداً، وكثافته ضعف كثافة الماء، لهذا وجد أن به نسبة من الصخور أكبر ممَّا في الكواكب العملاقة بالنظام الشمسي الخارجي، وربما كان هذا سببه التفاعلات الكيماوية التي تمَّت أثناء تكون الكوكب تحت برودة الحرارة والضغط المنخفضين بجوه. وكثير من الفلكيين يظنون أن كوكب بلوتو كان ينمو بسرعة ليكون كوكباً أكبر، بينما كان ثأثير جاذبية الكوكب نبتون يقع بالمنطقة التي يدور بلوتو فيها والمعروفة بحزام كايبر، مما أوقف تكوين الكواكب هناك. وهذا الحزام عبارةٌ عن حلقة من مواد تدور حول الشمس فيما وراء الكوكب نبتون، والتي بها ملايين الأجسام الجليدية والصخرية التي تشبه كوكب بلوتو. وقمره شارون أصله تراكمات مواد خفيفة نتجت من ارتطام بين بلوتو وجسم آخر كبير من حزام كايبر. لهذا كان اهتمام العلماء ببلوتو والأجسام الفضائية بحزام كايبر، لأنهم يمثلون المادة الأولية التي تكون منها النظام الشمسي. وكان اعتراض العلماء على اعتبار كوكب بلوتو كوكباً، لأنه صغير ومرتبطٌ بحزام كايبر، ولأنه قزم جليدي بشكل واضح ومختلف عن بقية الكواكب بالمجموعة الشمسية. لكن الكثيرين كانوا يعتبرونه كوكباً لأن له جاذبية ويضم أقماراً، وظلوا يطلقون عليه كوكب بلوتو لأكثر من 75 سنة وحتى الآن. وهو كوكب مظلم، و يوحي بأنه كرة جليدية صخرية مع غلاف جوي من الميثان والنيتروجين المتجمدين، ومع هذا فهو أعلى كثافة من الكواكب العمالقة الغازية، ممَّا يرجح أن يكون له لب صخري ضخم مغطى بوشاح جليدي يتجمد كلَّما تحرك بلوتو بعيداً عن الشمس.

يبعد بلوتو عن الشمس مسافة 40 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي متوسط المسافة ما بين الأرض والشمس، وتساوي 150 مليون كم)، ويدور حولها في مدار لا يشبه المدارات الكوكبية الأخرى، إذ إن مداره مختلف المركز، ومساره حول الشمس ممتد الطول على شكل قطع ناقص. ويضمُّ داخله مدار نبتون لمدة عشرين عاماً من زمن دورته البالغة 248 عاماً. ومحيط بلوتو لا مركزي، لهذا نجده تارةً قريباً من الشمس وأقرب إليها من قرب كوكب نبتون (Neptune) منها، كما كان عليه منذ يناير 1979 وحتى فبراير 1999، ولن يرجع لهذا الوضع إلا في سبتمبر عام 2226. ويدور بلوتو حول نفسه في فترة تساوي 604 أيام من أيام الأرض، وله القمر "شارون" ويعتبر كبيراً بالنسبة للكوكب نفسه، ويبدو أنهما يدوران حول بعضهما بوجهٍ واحد كما هي الحال بالنسبة للأرض وقمرها. وبعض الفلكيين يصنفون بلوتو علي أنه نيزك كبير أو مذتب أو جسم كبير من الأجسام الفضائية في حزام كايبر، ويدور في الاتجاه المضاد لدوران معظم الكواكب الأخرى، ومداره أطول 15 مرة من مدار نبتون. وقد يبدو أنه يقطع مدار نبتون، لكن لن يحدث وأن يتصادما أبداً. وبلوتو يشبه كوكب أورانوس في أن مستوى خط استوائه يتعامد مع محيط دورانه بزاوية قائمة، كما أن درجة حرارة سطح بلوتو تتراوح بين -235 و–210ْ مئوية، أي ما يعادل 38 إلى 63 كلفن. وتكوين بلوتو غير معروف، لكن كثافته 2 جم/سم مكعب، أي ضعف كثافة الماء. وهذا يدل أنه قد يكون مكوَّناً بنسبة 70% من الصخور و30% من جليد الماء، والمناطق الفاتحة علي سطحه تبدو أنها مغطاة بجليد النيتروجين وكميات صغيرة صلبة من الميثان والإيثان وأول أكسيد الكربون، أما المناطق الغامقة فغير معروفة. ولا يعرف إلا القليل عن غلافه الجوي, لكن من المحتمل أنه مكوَّن من النيتروجين وبعض الميثان وأول أكسيد الكربون. وفي معظم أوقات سنته الطويلة يبقى متجمداً، لهذا رحلة مركبة ناسا "نيوهوريزونز" هدفها الوصول لكوكب بلوتو قبل أن يتجمد، لأنه سيكون أقرب ما يكون من الشمس عام 2015.

القمر شارون عدل

 
رسم تخيلي لبلوتو مع قمره شارون وقمريه المكتشفين عام 2012 هيدرا ونيكس، بنسب الأحجام الطبيعية نسبة إلى بعضهم البعض.

يعتبر القمر شارون أكبر قمر لبلوتو، حيث يدور في محيطه على بعد 19,640 كم من بلوتو وقطره 1,212 كم. وقد أطلق عليه شارون، وهو اسم أسطوري بمعنى المعدية للأموات عبر نهر آكرون (River Acheron) في العالم السفلي. وكان شارون قد اكتشف عام 1978، وهو في نصف حجم بلوتو، وهما يتّخذان سلوك "كوكب مزدوج" كالأرض والقمر. وهما قريبان جداً كل من الآخر، لدرجة أن قوة جاذبية كل منهما ترفع نتوءات "مدية جزرية" على الآخر. وهذه النتوءات تعمل عمل الكابحات، فتبطئ الاثنين في دورانهما حول محوريهما، وهما الآن متشابكان كل منهما مواجه الآخر. بلوتو يدور حول محوره مرة في 64 يوماً أرضياً، وشارون يأخذ الزمن نفسه ليكمل دورة حول بلوتو، والملاحظ أن اتجاه دورانهما عكس اتجاه دوران الكواكب الأخرى.

وبلوتو أبعد كواكب المجموعة الشمسية من الشمس وفي مداره يكون تارةً على بعد 30 وحدة فلكية من الشمس وتارةً أخرى يكون على بعد 50 وحدة فلكية. والشمس تبدو كنجمٍ ساطعٍ من فوق سطح الكوكب، ولأن جوه رقيق فإنه يتجمد كلَّما بَعُدَ الكوكب عن الشمس في دورانه حولها. لهذا أرسلت ناسا المركبة الفضائية بلوتو إكسبريس (Pluto Express) عام 2001 ليدرس العلماء الكوكب قبل أن يتجمد. والضغط الجوي فوق سطح بلوتو يعادل 1\100000 من الضغط الجوي على الأرض، وقد التقط تلسكوب هبل صورة الكوكب بلوتو وقمره شارون معاً عام 1994، وكان الكوكب على بعد 4,4 بليون كم من الأرض، وقد شاهد التلسكوب الجسمين كقرصين منفصلين واضحين، وهذا ما مكَّن علماء الفلك من قياس قطريهما مباشرة، فوجدوا قطر بلوتو 2,320 كم، وقطر قمره شارون 1,270 كم. وبعض الفلكيين لا يعتبرون بلوتو كوكباً حقيقياً، ويصنّفونه جسماً صغيراً من بين الأجسام الجليدية التي تشكّل حزام كايبر (Kuiper Belt) والتي تقع خلف كوكب نبتون، وتنتشر في مسافةٍ تعادل 30 إلى 50 مرة المسافة بين الأرض والشمس، ويبعد بلوتو عن الشمس مسافة 40 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي المسافة المتوسطة ما بين الأرض والشمس، وتساوي 150 مليون كم)، ويدور بلوتو حول الشمس في 248 سنة أرضية، ومداره شديد التفلطح أكثر من كل الكواكب الأخرى، ولذلك فإنه يكون أقرب من نبتون عندما يكون في أقرب نقطة من الشمس في مداره، وفي الحقيقة فإن بلوتو يعد الكوكب الأول من حيث البعد منذ العام 1969 وحتى شهر مارس 1999، فبلوتو يدور حول نفسه في فترة تساوي 604 أيام من أيام الأرض، وله قمر واحد يسمى "شارون" يعتبر كبيراً بالنسبة للكوكب نفسه، ويبدو أنهما يدوران حول بعضهما بوجه واحد كما هو الحال بالنسبة للأرض وقمرها. مدارات بلوتو وقمره شارون جعلتهما يمرُّان بالتناوب كلٌّ أمام الآخر، كما شوهدا من الأرض ما بين سنتي 1985 و1990، ممَّا مكَّن الفلكيين من تحديد حجمهما بدقة. فقمر شارون قطره 1,200 كم، ممَّا يجعله يقارب حجم كوكب بلوتو نفسه، ولهذا يطلق العلماء عليهما الكوكب المزدوج.

وبلوتو في دورانه حول الشمس يقطع الدورة في 247,7 سنة أرضية يقطع خلالها 5,9 مليار كم. والمدار غير دائري بل بيضاوي، وبهذا كان في بعض النقاط يكون أقرب للشمس من قربه لنبتون. ولا توجد فرصة للارتطام لأنه يتحاشى عبور مدار نبتون. يبعد بلوتو عن الشمس مسافة 40 وحدة فلكية، ويدور بلوتو حول الشمس في 248 سنة أرضية لبلوتو مدار لا يشبه المدارات الكوكبية إلى حدٍّ بعيد، فمداره مختلف المركز. ومساره حول الشمس ممتد الطول جداً، أو على شكل قطع ناقص، ويضم داخله مدار نبتون لمدة عشرين عاماً من زمن دورته البالغة 248 عاماً. وعلى خلاف الكواكب الأخرى التي تقع مداراتها في حدود بضع درجات من مستوى معيَّن، فإن مدار بلوتو يميل بزاوية 17.5ْ عن هذا المستوى، ولهذا يكون أقرب من نبتون عندما يكون في أقرب نقطة من الشمس في مداره. ومحيط بلوتو لا مركزي، لهذا نجده تارةً قريباً من الشمس وأقرب إلينا من كوكب نبتون (Neptune) منها، كما كان عليه منذ يناير 1979 وحتى فبراير 1999، ولن يرجع لهذا الوضع حتى سبتمبر عام 2226، ويدور في الاتجاه المضاد لدوران معظم الكواكب الأخرى. ومداره أطول 15 مرة من مدار نبتون، وقد يبدو أنه يقطع مدار نبتون لكنه لا يحدث، ولن يصطدما أبداً.

حدثت في عام 2002 تغيرات غير متوقعة على سطح كوكب بلوتو نتيجة وقوع ظاهرة كونية نادرة، عندما عبر بلوتو أمام نجمين خافتين خبا ضوآهما بسبب مرور بلوتو بينهما. وهذا يدل على أن غلاف بلوتو الجوي الرقيق أصبح أكثر كثافة في الأربعة عشر عاماً الماضية، منذ تاريخ آخر مرة تم فيها رصد تلك الظاهرة. ولن يتم تحديد ما الذي يحدث على كوكب بلوتو بالضبط إلا بوصول مركبة "بلوتو-كايبر إكسبريس"، التي سيتم إطلاقها في عام 2006 لتصل إلى بلوتو بعد عشر أعوام (ملاحظة: ألغي مشروع بلوتو إكسبرس فيما بعد بسبب تكاليفه العالية، لكنه استبدل بمشروع نيوهوريزونز الشبيه جداً به). ويتوقع الباحثون أن ينكمش الغلاف الجوي لبلوتو تماماً في عام 2015 تقريباً. وأدت حاجة الوصول إلى الكوكب والقيام بحساباتٍ وقياساتٍ مختلفة قبل أن ينهار الغلاف الجوي إلى جعل مهمة المركبة "بلوتو-كايبر إكسبريس" أمراً ملحّاً، وربما تصل المركبة في الوقت المناسب أو تتأخر في الوصول. انطلق مسبار "نيو هورايزونز" في رحلة سيقطع خلالها مسافة 4.8 مليارات كيلومتر باتجاه كوكب بلوتو، ليدرس هذا الكوكب الوحيد ضمن المجموعة الشمسية الذي ما زال مجهولاً، ولا سيما المنطقة الجليدية منه التي يكتنفها الغموض. وسرعة المسبار تصل إلى نحو 58 ألف كيلومتر في الساعة، لتستغرق الرحلة تسع سنوات ونصفاً للوصول إلى بلوتو والمنطقة الجليدية التي لا تصل إليها أشعة الشمس، لتصوير سطحي الكوكب بلوتو والقمر الكبير الذي يدور في فلكه، ثم تحليل طبيعة الجو السائد في بلوتو. والمسبار يحمل بقايا رماد عالم الفلك كلايد تومبو، أول من اكتشف الكوكب بلوتو عام 1930. ويعتبر بلوتو أبعد كوكب في المجموعة الشمسية وألمع جسم سماوي في منطقة تعرف بحزام كايبر، التي تتكون من آلاف الأجسام الصخرية الجليدية بما في ذلك كويكبات لم تتطور إلى وضع كواكب لأسباب ما زال العلماء يجهلونها حتى الآن. ودراسة هذه الكويكبات تساعد على معرفة كيفية تشكل الكواكب. وسيستخدم نيو هورايزونز جاذبية كوكب المشتري لاكتساب سرعة كبيرة، وسيؤدي ذلك إلى زيادة سرعة المسبار بعيداً عن الشمس بما يقرب من أربعة كيلومترات في الساعة، ممَّا سيسمح له بالوصول إلى الكوكب التاسع بحلول يوليو عام 2015. ويعتقد البعض أن بلوتو يشكل "كوكبا مزدوجاً" مع قمره الوحيد المعروف "شارون" الذي اكتشف عام 1978. وسوف يقترب نيو هورايزونز من بلوتو وتشارون في نفس اليوم ليقوم برسم خريطة مفصَّلة لملامح سطح بلوتو وتكوينه ومناخه.

ووجد العلماء أن كوكب بلوتو أبرد ممَّا كانوا يعتقدون أو يتصورون، وكان يُعتَقد أن انخفاض درجة حرارة الكوكب هي نتيجة التفاعلات بين سطح الكوكب المكوَّن من النيتروجين المتجمد وبين جوه النيتروجيني الرقيق. فكلَّما ابتعد عن الشمس تكثف غاز النيتروجين على سطح الكوكب وتجمد، وكلما اقتراب من الشمس تسامى الجليد مكوِّناً غاز النيتروجين. وقمره شارون مختلف لأنه بلا جو، لهذا درجة حرارته تعتمد على تكوينه الجيولوجي وانعكاسية الضوء. وبلوتو يقع على مسافة أبعد 30 مرة من المسافة بين الشمس والأرض، كما أن درجة حرارته تعتمد على قربه أو بعده من الشمس في مداره البيضاوي. فبينما الأرض وكوكب الزهرة يعانيان طبيعياً من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري حيث يمتصُّ سطحاهما طاقة الشمس التي تسخنهما، لكن العكس يحدث فوق كوكب بلوتو. فبدلاً من أن تُمتَصَّ طاقة الشمس وتدفِّئ الكوكب، يتحول جليد النيتروجين فوق سطحه إلى غاز.. فيبرد.