الكون الأنيق/تسنين الكون
أطلق مقراب سبيتزر الفضائي (SIRTF) مؤخراً ليكون رابع تلسكوب في مجموعة التلسكوبات العظمى التي أطلقتها للفضاء وكالة ناسا. وهي تلسكوبات: هبل الشهير، ومرصد تشاندرا الذي يعمل بواسطة الأشعة السينية، و"كومبتون" الذي عمل بأشعة جاما. وتلسكوب سبيتزر سيعمل بالأشعة دون الحمراء لاصطياد أقدم وأبرد أجرام الكون المبكر، وسيدرس جزيئات الكربون في الأغلفة الغبارية حول النجوم ليرسم خريطة للكواكب التي يحتمل أن تحمل الحياة، وسيدرس التاريخ المبكر للكون من خلال التقاط طاقة الأشعة دون الحمراء (الحرارة) التي تصدرها النجوم والمجرات والكواكب، ودراسة أشياء باردة وبعيدة مخفية وراء حجب من الغازات والغبار والتي لا يمكن التقاطها بواسطة التلكسوبات التي تلتقط الضوء المرئي. لهذا يعمل تلسكوب سبيتزر بواسطة الأشعة دون الحمراء، حيث سيلقي نظرة على حقبة كان فيها تشكل النجوم أمراً يتكرر حدوثه أكثر ممَّا هو حالياً، وسيستخدم علماء الفيزياء الفلكية البريطانيون المرصد في مسح السماء بحثاً عن مجرات من الأشعة دون الحمراء الموجودة على بعد 10 بلايين سنة ضوئية. وسيلقي نظرة للوراء، حيث سيرى 90% من تاريخ الكون عندما كان تشكل النجوم يتكرر حدوثه أكثر مما هو حالياً، وسيمكن علماء الفلك من تعقب تطور تشكل النجوم منذ أزمنة مبكرة للغاية.
ويعتقد علماء الفلك أن النجم الذي ليست له كتلة كافية لا يشع أبداً، و "يموت" قبل النجوم الأكبر كتلة بملايين السنين. وتمكنوا لأول مرة من معرفة مدى الحجم الذي ينبغي للنجم أن يكون عليه حتى يتجنب الفناء مبكراً، فبحساب كتلة أضعف أقدم النجوم إشراقاً، يمكن للعلماء أن يحددوا الحد الأدنى للكتلة الضرورية لنجم ما حتى يبقى موجوداً ولا يموت قبل أوانه (بحفاظه على عملية الاندماج النووي في قلبه). فمصير نجم ما تحدده كتلة السحابة الغازية التي تشكل منها ذلك النجم، والجاذبية تسحب الغاز على شكل كرة أو نجم أولي، ومع ازدياد حجم النجم يصبح مركزه مرتفع الحرارة بشكل مخيف. فالنجوم الأولية الأكبر حجماً تصبح بها الحرارة مرتفعة جداً بحيث يبدأ الهيدروجين بالاحتراق والاندماج مع بعضه البعض (الاندماج النووي)، وبالتالي تبدأ بالإشعاع. وهذه النجوم قادرة على البقاء على هذه الحال لملايين السنينن أما النجم الأولي الأصغر فلا يتمكن من البقاء، لأن نواته تكتسب حرارة كافية لاحتراق الهيدروجين بالاندماج، فلا تتوهج وسرعان ما تتوقف عن التقلص. وقد تتحول النجوم إلى نجوم قزمة بنية أو كواكب عملاقة إن كانت كتلتها أقل من الحد الأدنى لكلتلة النجم، الذي يساوي 8.3% من كتلة الشمس. والنجوم الكبيرة تذوي حرارتها بشكل أسرع لتتحول إلى نجم قزم أبيض، وهذه النجوم العملاقة البيضاء القزمة من بين أقدم نجوم الكون. ومن خلال هذا تمكن العلماء من إعادة تصحيح معلوماتهم عن عمر الكون ونجومه.