الفلسفة/الأخلاق/الأزمنة الحديثة/مالبرانش
مالبرانش الأوراتوري ( نسبة إلى سلك الرهبنة الأوراتوري) وتلميذ ديكارت ، اراد في كتاب "بحث في الأخلاق" عام 1684 إكمال اخلاقية ديكارت عن طريق البرهان على صحة مسلمته القائلة بوجود "استعمال حسن" للإرادة . ترتبط اخلاق مالبرانش كل الارتباط بمجموع فلسفته المتمحورة حول فكرة أن توقفنا على الله (توقف كلي شامل) وهكذا - بحسب مالبرانش - فإنه عندما (تعتقد) ملكة الفهم لدينا أن لديها تمثلات عقلية فالواقع أن الله هو الذي يؤثر فينا بواسطة عقله الخالد . وعلى غرار ذلك حين يحثنا "ميلنا" في الظاهر على القيام بتصرف فاضل فإن الله هو من جعلنا بتماس مع ارادته الإخلاقية أي مع ذلك النظام من الحقائق الأخلاقية الذي يسود في روحه متناظرا مع تسلسل من الحقائق العقلانية ، ونتيجة ذلك أن كون المرء فاضلا يعني خضوعه لها النظام ، دون أن يكون هذا الخضوع ناجما عن طاعه بسيطة فحسب (لأنه ليس في طاقتنا في الواقع أن نقاوم الله بأي صورة من الصور) ولكنه ناجم عن حب . وما يعنيه حب النظام هو أن نوجه تصرفنا تبعا (لإعتبار واحد فقط) هو الرتبة النسبية من الكمال التي منحها الله للمخلوقات ( فذلك الذي يقدر حصانه أكثر من حوذيه أو يعتقد أن حجرا اجدر بالإعتبار من ذبابة) يرتكب إثما بحق النظام وينحدر إلى هوة الشر . تلك هي القاعدة الوحيدة التي يجب أن توجه الفاعلية العملية ، فمن الواجب الخضوع للأمير على سبيل المثال لأنه التقمص الأعلى في الأرض للجلالة الإلهية- وذلك طالما كان الأمير ذاته خاضعا لها - كما أن من الواجب بذل المودة والإحترام للناس على أن يكون ذلك بصورة متناسبة مع جدارتهم (الحقيقية) ، أي درجة مشاركتهم في الإله ( وهذا يعني بالتالي أن المبشر المتواضع يستحق التقدير أكثر من عالم كبير ) . ولكن ذلك لم يكن ميسورا إلا قبل الخطيئة الأصلية التي زيفت كل شيء ، أما الآن فإن "ميلنا" (الذي كان مستقيما دوما فيما سبق) معرض للإنحراف ، وليس معنى ذلك أن هذا الميل يستطيع فعلا معارضة الله ، ولكنه يستطيع عدم المشاركة تماما في ارادة الله الأخلاقية أو التوقف لدى الخيرات الجزئية والأنانية . أما الفضيلة فتتضمن جهدا في التأمل العقلاني ( قد يكون مستحيلا بمعزل عن اللطف الإلهي) هو الواسطة التي نصل عن طريقها عبر الظلام المخيم علينا إلى أن نلمح مجددا نظام الكمالات الثابت .